المقالات

سأخبرالله بكل شيء..

هناك في سوريا ، بالضبط في ثاني أكبر مدنها وأعرقها ، في حلب الشهباء ، عرين أهل السنّة والجماعة ؛ اهتز وجدان العالم لهول المجازر التي يرتكبها النظام السوري المجرم فيها بمعيّة روسيا وإيران ، حاصروا أهلها البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين مسلم ، منعوا دخول المساعدات والمؤن والأدوية ، اشتغلت فيهم آلة الذبح والفتك باختلاف أنواعها وأدواتها . بل جرّب الروس لأول مرة قنابلهم الارتجاجية ، وهي قنابل مخصصه لتدمير الملاجيء والأماكن شديدة التحصين تحت الأرض ، طول القنبلة ما بين (6) إلى (7) أمتار، ووزنها نحو (2295) كيلوغراماً. وتخترق من (10) إلى (30) متراً تحت الأرض قبل أن تنفجر. هذه القنبلة لديها القدرة على هدم عدد من الأبنية السكنية الكبيرة في آن واحد .  المشاهد التي تم تسريبها من أتون تلك المحارق تتفطّر لها القلوب ، أقصد القلوب السويّة ، بل تنفجر مُقل العيون بالدموع حزناً على تلك الأرواح الطاهرة والدماء الزكية التي تُراق كما الماء في أجواء التآمر والتواطؤ والتخاذل و( موت الإحساس ) .

وكالة فرانس برس ؛ استطاع مراسلها التسلّل إلى هناك فكتب تقريراً استهلّه بعنوان : “مشاهد مروّعة تضم بركاً من الدماء وجثثاً مشوهة ومشافٍ تغصّ بالجرحى ” . وزير الخارجية الفرنسي جون مارك أيرولت لم يستطع أن يخفي ذهوله مما يحصل في حلب فقال : “لا شئ يبرر حمم النار التى تتساقط على حلب “. وتبعه بعد ذلك بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني الذي قال في بيان له : ” “معاناة شعب حلب روّعت العالم، من قصف المدنيين الأبرياء، وقتل الأطفال العزل” وطالب بأن يتم التظاهر أمام السفارة الروسية احتجاجاً على هذه المجزرة .

الإحصاءات الرسمية عن أعداد الشهداء والجرحى والمفقودين والمهجرين ؛ توقفت عن الإحصاء وعجزت عن استمرار ( العدّ) في كارثة أو مقتلة ربما لم تمرّ في التاريخ مثلها أو أنها تماثل مافعله المغول والتتار منذ عدّة قرون .

قسوة المشاهد والصوروصرخات الاستغاثة ومناظر الجرحى والأشلاء التي اكتظت بها الشوارع وحالة الدمار التي عمّت أنحاء المدينة ولم تسلم منها حتى المستشفيات ؛ دفعت العالم ليسمّي المجزرة الوحشية المستمرة بـ “الهولوكست في حلب” أو HolocaustAleppo بحسب الهاشتاغ الذي انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي وظهر في أكثر من (177) ألف تغريدة في واحدة من أكبر ( الترندات ) العالمية في تويتر.

في وسط قساوة هذا المشهد الدامي ، وهذا القتل والإجرام غير المسبوق ، وفي زحمة المخاطر التي تحاصر بلداننا ، البوارج والمدمرات والغواصات والقاذفات تموج في سمائنا وبحارنا وتدقّ طبول حرب عالمية ، المذابح التي هي عنوان يومي لطريقة الحياة في العراق ، البشاعة تجاوزت حدّ التصوّر ، حرق الآدميين وذبحهم وتقطيعهم ، بل وأكل لحومهم . وأهلنا في الموصل ينتظرون نفس مصير أهلنا في الفلوجة ضمن فلسفة الطغاة والمجرمين في إبقاء الأرض بلابشر ،  والحرب التي تخوضها دولنا الخليجية ضد الحوثيين في اليمن ، والتهديدات والمخاطر التي تتقصّد بلاد الحرمين الشريفين وحالة الخوف والقلق مما يُدبّر في ليل ونهار ضدّها .

في هذا الوقت ، وفي ظل كل ذلك لم يهتز طرف لدى البعض عندنا في البحرين ، فتتوقف على الأقل مهرجانات الموسيقى والرقص حزناً على ملاحم الذبح في سوريا والعراق أو إحساساً وشعوراً بالأيتام والثكالى والأرامل والمشردين الذين لانستبعد أبداً أن يدور الزمان دورته فيصيبنا مثل ما أصابهم ، ونكون في محالهم بعدما كنّا في أماكن المترفين اللاهين بتفرّجنا على الدمار والخراب من حولنا والغافلين بموسيقانا عن المجازر والمحارق التي تفتك بإخواننا والمشغولين بمهرجاناتنا عن نزيف الدماء التي قال عنها سيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام : ” المسلمون تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يدٌ على من سواهم “.

عندما قرأت بالأمس الأول عن انطلاق مهرجان البحرين للموسيقى ؛ قفزت في ذهني تلك الكلمات الحزينة التي كانت آخر مانطق بها طفل سوري جريح عمره (3) سنوات ، نطقها بينما الدم يسيل على وجهه ممتزجاً بدمع العينين قبل أن يلفظ أنفاسه ويفارق الحياة قال : ” سأخبر الله بكل شيء” وأخشى أن نكون نحن ضمن من يخبر الله عنّا !!

سانحة :

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ” لعنة خذلان الشعب السوري ستعم الجميع

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s