منشور في جريدة الشرق القطرية
تقدّم معالي الوالد الفاضل خليفة بن أحمد الظهراني رئيس مجلس النواب البحريني السابق في أواخر الفصل التشريعي الثاني – قبل حوالي ست أو سبع سنوات من الآن – باقتراح يقضي بفكّ ارتباط الدينار بالدولار الأمريكي وربطه بسلّة من العملات . مطالباً في اقتراحه الحكومة الموقرة دراسة كافة التأثيرات ( السلبية والإيجابية ) التي قد تنجم عن فك هذا الارتباط والتحوّل إلى ربطه بسلة عملات تعكس حجم التبادل التجاري مع الدول التي تشكل عملاتها هذه السلة، واتخاذ القرار الملائم الذي يعزز قدرة الدينار البحريني الشرائية.
وعزّز اقتراحه بالتجربة الكويتية في فكّها ارتباط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي حيث جاء قرارها بناء على تذبذب أسعار صرف الدولار بالنسبة للعملات الأخرى وهبوطه المستمر جراء عوامل عديدة، وبالتالي انخفضت القدرة الشرائية للدينار الكويتي بالأسواق العالمية، خصوصاً أمام عملات الدول التي تستورد منها الكويت كونها دولة مستوردة لغالبية السلع وتعتمد على تصدير النفط فقط، ومن هذه الدول اليابان ( الين ) ، والصين ( سلة عملات يهيمن عليها اليورو ) ، المانيا ( اليورو ). ويلاحظ أن الدولار تراجع أمام الين واليورو، مما أثر على سعر واردات الكويت من هذه الدول، فقامت بربط عملتها بسلة عملات تعكس نسبة التبادل التجاري الدولي مع هذه الدول.
ورأى الظهراني أن البحرين وعموم دول مجلس التعاون الخليجي لاتختلف ظروفها الاقتصادية عن دولة الكويت ، وأن ذات الأسباب التي دفعت الكويتيين لفكّ ارتباط عملتهم بالدولار موجودة في الدول الأخرى التي هي بحاجة إلى تعزيز القدرة الشرائية لعملتها وتلافي أية تأثيرات مستقبلية قد تنجم من انخفاض سعر الدولار.
آنذاك ؛ اعتبر البعض أن هذا الاقتراح سابق لأوانه ، أو متجاوز لأسبابه ، وأن لاقيمة للأخذ به فجرى التحفظ عليه لانعدام أو عدم القناعة – آنذاك – بدواعيه . وذلك قبل أن يُكتشف الآن أن خليفة الظهراني رئيس مجلس النواب – ومثله آخرين – كان يستشرف المستقبل بحكمة الكبار وخبرته وثاقب بصيرته حيث يتزايد الآن الحديث في أروقة الاقتصاديين وغرف عملياتهم عن ضرورة إزالة العديد من أشكال الارتهان للأمريكان في استثماراتنا وأصول أموالنا وعملاتنا وسنداتنا خاصة بعد تكشف صور ابتزازاتهم وتآمرهم وسعيهم للنيل من مقدّرات ومكتسبات المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج ، واصطفافها في خط المتآمرين عليها.
غالب الظن لو أن تصريحات رســـمية وإجراءات صادقة صدرت عن عواصمنا تسعى لفكّ التبعية السياسية والاقتصادية وتنحى نحو الاستقلالية في مواقفها وطريقة حفظ أموالها واستثماراتها وارتباط عملاتها بعيداً عن الوصاية الأمريكية ورفضت الخضوع لابتزازاتها واشتراطاتها ؛ فأغلب الظن أن النتيجة ستكون مغايرة وسيكون لعموم الدول العربية والخليجية بالذات أدوات ضغط ومساحة تفرض فيها ماشاءت من قرارات وتوجهات لاينفع لحصولها في عالم اليوم إلاّ من قبل الأقوياء الذين يملكون زمام قراراتهم وأموالهم واقتصادهم . وخطوة فك ارتباط عملاتنا بدولارهم لابدّ منها .