المقالات

( ياجبل مايهزّك ريح )

قبل حوالي أكثر من أسبوعين من الآن ، بالضبط في الثامن من نوفمبر الحالي ؛ ناقش مجلس النواب في جلسته المنعقدة آنذاك ردّاً حكومياً على اقتراح برغبة تقدّم به عدد من أصحاب السعادة النواب في وقت سابق من دور انعقادهم الماضي . استعرض هذا الرد المنشور حينذاك المشاريع والإجراءات المتخذة في هذا السبيل من قبل عدد من الجهات المعنية ، مثل أن شبكة تصريف ومعالجة مياه الصرف الصحي حققت نسبة توصيل بالخدمة بواقع (95%) من سكان البحرين وأن وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني تقوم قبل كل موسم بتنظيف شبكات الصرف الصحي وفتحات التصريف لمياه الأمطار السطحية والتخلص من أي انسدادات في الخطوط . كما زوّدت المجالس البلدية ببرنامج زمني لصيانة شبكات تصريف المياه ويكون التواصل مستمرا بين أعضاء المجالس البلدية ومهندسي الإدارة المعنية عبر لجنة التنسيق والمتابعة بالوزارة . الرد تضمن أيضاً رؤية مستقبلية لحل مشكلة تجمعات مياه الأمطار ، وذلك بالإضافة إلى عدد من الإجراءات الأخرى المطمئنة والتي من يقرأها لايمكن أن يراها إلاّ ( بساط وردي ) و( بطيخ صيفي ) وأن كل شيء تمام في تمام .

قبل الساعة الثالثة من عصر يوم الجمعة الماضي 25 نوفمبر الحالي كنت في طريقي إلى مجمع ( سيتي سنتر ) ، حينها كانت السماء ملبّدة بالغيوم ، وربما تساقط بعض الرذاذ . بعد صلاة المغرب خرجت من المجمع التجاري متوجها إلى محل سكني في منطقة قلالي . فإذا بحال الشوارع قد اختلف عما كان عليه في العصر ، الحالة السيئة التي نعاني منها في كل عام بموسم الأمطار ، نفسها هي هي لم تتغير ، السيارات صارت تخوض في مستنقعات أشبه بالبحيرات ، وبدون الدخول في التفاصيل التي عاينها الجميع أو تم مشاهدة لقطاتها وتسجيلاتها وكذلك ( نكاتها ) وتداولها في وسائل التواصل المختلفة ؛ فقد شدّ الانتباه نداء ( استغاثة ) من أحد أعضاء المجلس البلدي بالمحرق لإنقاذ أو شفط مياه الأمطار من دائرتها الانتخابية وعموم المحرق التي قد لا يبالغ من قال أنها قد غرقت بسبب المستنقعات وتجمعات الأمطار .

اللافت أن الأمطار قد سقطت بشكل متقطع ومتفاوت بين القليلة والغزيرة لمدة حوالي ( ساعتين ) أقل أو أكثر فقط ، ومع ذلك لم ينفع معها كل التصريحات التي تكلّمت عن كامل الاستعداد لمواجهة الأمطار فإذا بها تحقق ذات الرسوب السنوي ، ويجأر الناس ومعهم بعض نوابهم وبلدييهم بذات الشكوى المتكررة ، وكلّ يلقي اللوم على الآخر  ويتبرأ من المسؤولية فيما تبقى معاناة المواطنين هي الحلقة الأضعف التي تتكبّد الخسائر والأضرار في مناطقهم وشوارعهم وأحيائهم وفي مساكنهم بما فيها مناطق إسكانهم الجديدة مثل ( إسكان قلالي ) الذي كان حال الأمطار فيه يُرثى له .

في صباح اليوم الأحد ؛ نشرت إحدى صحفنا المحلية تصريحاً أطلقه الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مملكة البحرين أمين الشرقاوي بعنوان ” التغير المناخي يضع البحرين في دائرة ارتفاع سطح البحر والغرق “. أتوقع أن جميع من قرأوا هذا الخبر وضعوا أيديهم على قلوبهم ، وشعروا بالخوف والفزع ، فأغلب التصريحات التي أظهرها لي صاحبنا ( جوجل ) من الشبكة العنكبوتية عن استكمال استعداداتنا لموسم الأمطار كانت سراباً ، لاتصلح إلاّ للاستهلاك الإعلامي ..

سانحة :

في دول كثيرة ، كلمات مثل : (فساد) و(تجاوز) و(تقصير) و(فشل) و(خسائر) و(تراجع) وماشابهها من كلمات تفضي إلى استقالة أصحابها أو إقالتهم ، كإجراء عقابي أو كموقف أخلاقي وأدبي ، بينما عندنا لسان حال تلك الكلمات ( ياجبل مايهزّك ريح ) !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s