ينتابني في كثير من الأحيان شعور مليء بالاستغراب والحيرة أمام بعض القوانين التي لطالما كان صدورها محل أمنيات الناس وفي مركز طموحاتهم ، علت الأصوات لأجل ولادتها ، وكثرت المطالبات بإقرارها نظراً للحاجة الماسّة لها أو لسدّ فراغ تشريعي معين أو لتسهيل إجراءات محددة وفكّ عقدتها أو لتحقيق مزايا ومكاسب ينتظرها الناس على أحرّ من الجمْر . لكنها ؛ ما إن تصدر ، ويستبشر بها المجتمع ويهللون فرحاً وسعادة بقدومها – تلك القوانين – حتى يتفاجأوا بأنها ( مشلولة ) وغير ممكن الاستفادة من صدورها ويصعب تفعيلها ، لالشيء سوى أن في تلك القوانين ( أداة معطِّلة ) تمنع نفاذها وتحول دون تطبيقها رغم أن المادة الأخيرة من تلك القوانين تنصّ بكل وضوح على : ” على رئيس مجلس الوزراء والوزراء –كل فيما يخصه- تنفيذُ هذا القانون، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية .
( الأداة المعطِّلة) هي عبارة عن القرارات أو اللوائح التنفيذية التي يجب أن تصدر في قرار وزاري ينظم إجراءات واشتراطات تطبيق هذه القوانين وتنفيذها في دنيا الناس . وهذه القرارات أو اللوائح يمكن تصدر في وقتها ويمكن تطول مدّة انتظارها ويمكن نسيانها بحيث أن تلك القوانين تبقى مجرّد جسد بلاروح .
وعلى سبيل المثال ؛ صدر بتاريخ 24 سبتمبر 2014قانون رقم (59) لسنة 2014بتعديل المادة (5) من القانون رقم (74) لسنة 2000بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين. التعديل الصادر به هذا القانون ، ينصّ على “ويمنح الموظف أو العامل من ذوي الاعاقة أو الذي يرعى معاقاً من أقربائه من الدرجة الأولى، ممن يثبت بشهادة صادرة عن اللجنة الطبية المختصة حاجتهم لرعاية خاصة، ساعتي راحة يومياً مدفوعتي الأجر، وذلك وفقاً للشروط والضوابط التي يصدر بها قرار من الوزير “
أي أن هذا القانون استهدف التجاوب مع متطلبات المعاقين وتنفيذ سائر توصيات القيادة الحكومة ، وسارع إلى منح ذوي المعاقين ساعتي راحة يومياً لأجل التفرّغ أكثر لأولادهم المعاقين .
غير أن هذا القانون ، بالرغم من سموّ أهدافه وعلوّ غاياته والحاجة الملحّة له ؛ لم ير النور حتى الآن ، ولم تكتمل فرحة المعاقين وذوويهم به ، وبقي محفوظاً في الأدراج ، مجمداً عن التطبيق في انتظار الشروط والضوابط التي لم تصدر حتى الآن رغم مرور أكثر من سنتين على اعتماده !! ولكم أن تتصوروا أن قانوناً له أهمية لدى شريحة هامة وغالية في المجتمع وفي أمسّ الحاجة إليه يبقى مدة تتجاوز السنتين بعد صدوره معطلاً وغير نافذ !!
وأعتقد أن هذا القانون الخاص بالمعاقين ليس هو القانون الوحيد الذي أوقفت نفاذه تلك ( الأداة المعطِّلة)، فقد سبق لها وقف مفعول غيره وأخرت الاستفادة منه ، وأحسب أنه لاتزال بعض القوانين الصادرة في انتظار إزالة هذه الأداة حتى ترى النور وتحقق الفاعلية والهدف من صدورها .
سانحة :
حري بنا ونحن نحتفل بيوم المرأة البحرينية أن ننظر في تجاوز الأداة المعطلة لتفعيل هذا القانون الذي يختص بالأم التي ترعى أبنها المعاق.