حصل حدثان خلال الأيام القليلة الماضية شغلا الرأي العام المحلي ، سببا استياء واستنكاراً لدى عموم الناس الأسوياء الذين بحسب انتمائهم الإسلامي وهويتهم الوطنية عبروا عن غضبتهم تجاه هذين الحدثين وأبدوا غيرتهم على وطنهم وأعلنوا رفضهم جملة وتفصيلاً لتكرارهما تحت أي مبرر .
الحدث الأول تعلّق بالمساس بالأخلاق والفضيلة : وهو الذي تفاجأ به الناس في غمرة احتفالات البلاد بأعيادها الوطنية وفرحتهم بهذه الذكرى السنوية التي اعتادوا أن يكون الاحتفال بها وفق نمط معين وطابع شعبي لايحيد – قدْر الإمكان – عن العادات والأعراف المرعية ، حيث شاهدوا في موقع الاحتفالات الوطنية بحلبة البحرين الدولية رقصاً شرقياَ مبتذلاً وفاضحاً كالذي يكون في بارات ومناهل الفنادق – نسأل الله أن يطهر بلادنا منها ويجنبنا شرورها وعواقبها – حتى أن كثيراً من الأسر الغيورة على دينها ووطنها انسحبت من المكان مع أطفالها وأبنائها خوفاً عليهم وحرجاً وغضباً لتخريب مثل هذا الاحتفال الوطني بهذا المشهد غير المتناسب مع عادات وقيم عموم شعب البحرين ، أقصد الأسوياء ( وهم الغالبية ) ولا يتلاءم مع الجروح النازفة لأمتنا العربية الإسلامية وتدور رحاها في محيط وطننا العزيز وتتهددنا نيران وحرائق تلك الجروح .
أما الحدث الثاني ؛ فقد تعدّى على ثوابت السياسة البحرينية ومبادئها – قيادة وشعباً – تجاه القضية الفلسطينة حيث تفاجأ الناس أيضاً بأن هنالك وفداً من الصهاينة ينتمي لإحدى الجماعات المتطرفة – مثلما تبين فيما بعد – واسمها ( حركة حباد ) تم استقباله في مجلس إحدى العائلات التجارية المعروفة في أجواء احتفالية وغنائية تم تكرارها وبصورة أوسع في موقع سياحي هام في العاصمة المنامة ، وهو ( باب البحرين ) وكانوا يرددون أهازيج تنادي بإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى . تم تسجيلهما وتناقلهما بصورة مقيتة ، زاد من استفزاها لمشاعر المواطنين نشر مقاطع منها في إحدى القنوات الإسرائيلية وكذلك في صحافتهم .
وبالرغم من حالة الاستياء وحملات الاستنكار – ربما – غير المسبوقة تجاه الحدثين ، خاصة الحدث الثاني الذي سجل شيئاً غريباً ويصعب فهمه أو استيعابه حيث تبرأ الجميع من علاقتهم به بمن فيهم أصحاب المجلس العائلي الذي استقبل هذا الوفد الصهيوني وأعلنت غرفة تجارة وصناعة البحرين عدم علاقتها به ورفضها لأي صور التطبيع مع الكيان الصهيوني ومثلها الكتلة التجارية وأعداد غير قليلة من التجار الذين صرّح بعضهم بأنهم خُدعوا ولم يكونوا على علم بماهية هذا الوفد . ليبقى السؤال المحير : من جاء بهم إلى البحرين وكيف دخلوها ورقصوا في سوقها السياحي الهام بالعاصمة وأنشـدوا ( غناويهم ) ؟ إنه شيء غريب لايقلّ غرابة عن الراعي للحدث الأول .
من سمح بهذا الرقص الفاضح والمبتذل في احتفالات العيد الوطني ، ومن رعى واستقبل الوفد الصهيوني الذي تبرأ منه حتى من استضافوه ورقصوا معه وتسلّموا هديته ( الشمعدان ) ؟ هل كان الحدثان جسّ نبض لشيء ما ؟ أو أنه اختبار تم إجرائه – في الحدث الأول – لمعرفة تقبل المجتمع لثقافة ( الهشّك بشّك ) أو- في الحدث الثاني – لمعرفة رضائه بالتطبيع مع الصهاينة تحت مسميات فرعية كالتطبيع التجاري أو يمكن التطبيع الرياضي الذي قد يحدث في شهر مايو القادم مثلما يقال ؟ على العموم كانت نتيجة الاختبار واضحة ، فالشعب البحريني في عمومه رفض المساس بأخلاقه مثلما رفض المتاجرة بمواقفه ونصرته للقضية الفلسطينية .
بقي أن نشير إلى أنه من المهم ألاّ يجري التوسع في عمل مثل هذه الأمور وإقامة فعاليات تبقى جهة تنظيمها ورعايتها مبنية للمجهول ، فإن غياب المصارحة والشفافية ينشأ عنها دائماً أجواء تترك العنان للشائعات والأكاذيب والتلفيقات وصناعة أحداث وأخبار وتوقعات تجعل الحيرة والاستغراب عنواناً بارزاً في حياة الناس طالما أنه لا جهة تبنّت أو أكدت أو نفت أو اعتذرت أو إلى آخره .
سانحة :
قال تعالى : ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون “