لم تسنح لي فرصة – بسبب السفر- زيارة الأخ العزيز بوريّان ، إبراهيم بوصندل في المستشفى أثناء العارض الصحي الذي أصابه قبل بضعة أيام وأنعم المولى عز وجل عليه بالشفاء منه ، ونسأله تعالى أن يتم فضله عليه وعلى جميع المرضى بالصحة والعافية .
وتربطني بالشيخ بوريّان علاقة أخوة حميمة بدأت بزمالة الكتابة الصحفية ، وربما قبل ذلك : إلاّ أنها توثقت بانتخابه في العام 2006 نائباً بمجلس النواب حيث تعرّفت عليه – بحكم عملي آنذاك – عن كثب ولمست في أدائه الإخلاص والجدّ وبذل الغالي من وقته وجهده من أجل خدمة وطنه العزيز وحسن تمثيله لناخبيه . حاله في ذلك حال العديد من السادة النواب الذين امتازوا بالكفاءة واشتهروا بالشجاعة في مواقفهم وكانت لهم صولات وجولات ربما لم تنل نصيبها في الإعلام آنذاك بسبب أن بعض هؤلاء النواب لم تكن أضواء الإعلام في وارد اهتماماتهم أو أن الظهور الإعلامي ليس في أولوياتهم كما هو حال كثرة من بعدهم ممن أصبح لديهم الشكل أهمّ من المضمون ، والنشر على حساب الإنجاز الفعلي .
في الواقع ، أعرف لنوّاب كثيرين فضلهم ونزاهتهم وحسّهم وسعيهم المخلص غير أن لأخي العزيز بوريّان وقفة قد لم يسمع بها إلاّ القليلين ؛ لالشيء سوى أن بساطته وإخلاصه في مبادئه كان لايحتاج معها إلى الإعلان عنها أو المتاجرة والمزايدة أو الدعاية الانتخابية بها .
كان إبراهيم بوصندل هو النائب الوحيد الذي رفض السفر إلى الخارج والمشاركة في أي وفد نيابي للخارج . كان منطلقه في ذلك أن مسائل السفر إلى الخارج ليست في اختصاصات النائب وأن الناس اختارته للعمل من أجلهم في الداخل ومعالجة مشكلاتهم وبحث قضاياهم تحت قبة البرلمان ولجانه فقط ، ولايوجد أي اختصاص للنائب يتعلق بإقامة العلاقات والتنسيق مع الدول ، فذاك اختصاص تقوم به جهات أخرى في الدولة .
الأربع سنوات التي قضاها بوريّان (2006-2010م) في المجلس النيابي ؛ رفض فيها كل الترشيحات التي عُرضت عليه للمشاركة في وفود نيابية خارجية حيث كان يرى أن تمثيل مجلس النواب في المناسبات التي تستدعي فعلاً وجوده هو من اختصصات رئاسة المجلس فقط . وكان يرى في مثل هذه الوفود المسافرة هدراً للمال العام وصرفاً في غير محلّه يستوجب وقفه والاستفادة منه في وجوه صرْف أخرى . ولاحظوا أن موقفه المقدّر ليس لسبب أزمة مالية أو ضائقة اقتصادية تمرّ بها البلاد حينذاك كما هو الحال الآن ؛ إنما كان موقفاً مبدئياً – بغضّ النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه – أحسب أن أعضاء السلطة التشريعية بغرفتيها الشورى والنواب ومعهم الوزراء وبقية المسؤولين في أمسّ الحاجة لإعادة النظر والتفكير في مجاراة الأخ العزيز بوريّان في موقفه . فلربّما تجد ميزانية الدولة الآن من وقف أو تقليص السفرات والمشاركات الخارجية وفراً يفوق في محصّلته مايجري فرضه من رسوم وضرائب ترهق كاهل المواطنين .