لاأدري هل كانت مصادفة أم لا ؟! أن تحتفي البحرين بجميع وزاراتها ومؤسساتها بالرياضة في تاريخ 12 فبراير إعلاء لشأنها ومكانتها ثم في اليوم التالي 13 فبراير تقرّر جامعة البحرين إلغاء كلية التربية الرياضية ودمج أقسامها مع كلية العلوم الصحية ضمن ما أسمته إعادة الهيكلة !!
نعم ؛ كانت البحرين في يوم الثلاثاء قد خصصت نصف دوام كل الوزارات والهيئات الحكومية لممارسة الرياضة ، ويمتثل لهذا القرار الصادر من مجلس الوزراء الموقر مختلف موظفي الدولة ، صغيرهم وكبيرهم ،ويبعثون بذلك رسالة مفادها أن للرياضة بالغ الأهمية في مجتمعنا وأن الدولة وضعتها في أولوياتها وتشجع عليها . لكن في اليوم التالي (الأربعاء) تقرر جامعة البحرين تحجيم ودمج كليتها المتخصصة للتربية الرياضية مع كلية العلوم الصحية ، في خطوة مفاجئة ربما تتعارض مع ما أبدته الدولة في اليوم السابق من اهتمام بها .
كلية التربية الرياضية في جامعة البحرين تأسست العام 2011م وتخصصت في تقديم برنامج بكالوريوس التربية الرياضية وبرنامج الماجستير في الإدارة الرياضية والتدريب الرياضي وبرنامج دكتوراه الفلسفة في الإدارة الرياضية . وكانت الآمال معقودة على تطويرها وزيادة أقسامها وبرامجها باعتبار أن مخرجات مثل هذه الكليات في مختلف دول العالم تُعتبر من أهم روافد الرياضة وعوامل بنائها وصقلها وتنميتها حيث يتم التعويل على خريجيها في إدارة الشأن الرياضي في الدول ؛ تدريساً وتدريباً وإدارة مرافقها وأنديتها واتحاداتها ومسابقاتها وممارسة ألعابها . بل هذه الكليات المتخصصة في الرياضة أصبحت في كثير من المجتمعات محط أنظار أي دولة تسعى رؤيتها الاستراتيجية لتوطين الرياضة على رحابة مجالاتها وصارت هي سبيلها لبناء قواعدها الرياضية التي تفتخر بها وتستغني بها عن الاستعانة بغير مواطنيها.
وكان (العشم) تطوير كلية التربية الرياضية في ظل الريادة الموفقة لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة للشأن الرياضي في البلد ورئاسته للمجلس الأعلى للشباب والرياضة وتفاؤل الناس ، بل ثقتهم بقيادة وحماس وتطلعات وجهود سموّه للارتقاء بالرياضة في البحرين وتبوئها أعلى المراكز بعد غياب لافت وطويل عنها .
في أعتاب عام الذهب الذي أطلقه ووعد به سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة لتحقيق الإنجازات الرياضية ؛ كان المؤمل أن يكون الاهتمام بالأسس والبدايات وأن يكون التركيز على تأهيل الكفاءات علميا ومهنياً وأن تُعطى مثل هذه المحاضن والمصادر الرئيسة والفاعلة المزيد من القوّة لتنفيذ أمنيات سمو الشيخ ناصرودعم جهوده وتوجهاته لإعادة الحيوية والصعود لقطاعنا الرياضي.وهي أمنيات وآمال يتطلع إليها كل البحرينيين .
في الواقع ؛ ليس واضحاً ماهي المقاربة التي دفعت جامعة البحرين لاختزال وتحجيم كلية التربية الرياضية ودمجها مع كلية العلوم الصحية ؟! ولماذا لم يتم دمج كلية العلوم مع كلية العلوم الصحية مثلاً ؟
بالمناسبة ؛ كلية العلوم الصحية انتقلت تبعيتها من وزارة الصحة إلى جامعة البحرين في العام 2012 م على أمل أن يُحدث ذلك نقلة نوعية في التعليم الصحي في البحرين ، وكنّا نتمنى أن تتطوّر هذه الكلية وتقوم بتدريس الطب في جامعتنا الوطنية وألاّ تكتفي بتخريج فنيين وممرضين وممرضات فقط بينما المتفوقين من أبناء البلاد لايتحصلون على فرص وبعثات كافية لدراسة الطب فيلجأون للبحث عن الأرخص تكلفة حتى لو كانت جامعاتها في أقاصي الدنيا كالصين أو أوكرانيا أو ماشابهها من جامعات يواجهون بعد تخرّجهم منها صعوبات في معادلة شهاداتهم واعتمادها قد تصل إلى حدّ رفضها وخسران أموالهم وسنين عزيزة من أعمارهم بينما كان الأولى أن يكون محلّهم في البحرين ، في جامعتهم الوطنية حالهم في ذلك حال الجامعات في الدول المجاورة التي بالرغم من سبْقنا لهم في التعليم إلاّ أنهم باتوا الآن يحتضنون متفوقيهم ويخرّجون منهم ليس أطبّاء فحسب ، بل يخرّجون استشاريين في مختلف علوم الطب المتعددة وبتخصصاته الدقيقة في حين نكتفي نحن بتخريج ممرضين وممرضات – على أهميتهم – فقط رغم بلوغنا المئويـة في دخول التعليم عندنا قبل غيرنا !!
كل الأمنيات أن تعيد جامعة البحرين النظر في قرارها بدمج الكليتين ، وتقفز إلى تطويرهما على النحو الذي يتناسب مع متطلبات النمو والتطوّر وبما يحقق أمنيات القيادة ويدفع جهود سمو الشيخ ناصر في مجال بناء القطاع الرياضي وتأهيله لنيل أعلى الرتب والمراكز إقليمياً ودولياً . وبما يحقق أيضاً رغبات المتفوقين من أبنائنا في دراسة الطب البشري وإتاحة الفرصة لهم لدراسته في وطنهم عوضاً عن الاغتراب والخسائر ، وسعياً لبحرنة مهنة الطب في مراكزنا ومستشفياتنا العامة والخاصة .