تأسست تحت مسمى ( صندوق العمل ) بموجب قانون رقم (57) لسنة 2006 الصادر بتاريخ 12 أغسطس 2006 حيث نصّ البند (أ) من المادة (2) : ” تُنشأ هيئة عامة تسمى ” صندوق العمل” تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري وتخضع لرقابة الوزير الذي يصدر بتسميته مرسوم” . وأسهبت المادتان (3) و(4) من قانون التأسيس في بيان أهداف ومهام وصلاحيات هذا الصندوق التي كانت تتركز في مجملها نحو دعم البحرينيين إما بتشجيعهم على الاستثمار أو جعلهم الخيار الأفضل للتوظيف عند أصحاب الأعمال. وقد عبّرت تمكين ( صندوق العمل) عن تلك الأهداف والمهام بكل وضوح في صدر التعريف بنفسها في موقعها الإلكتروني من خلال العبارة التالية ، بالنّص ” تسعى مبادرات تمكين إلى الاستجابة إلى التحديات الاقتصادية الهامة التي يواجهها البحرينيون ومشاريعهم التجارية في مراحل تطورها المختلفة ومعالجتها، بدءً من مرحلة التأسيس وحتى النضج، ومن مرحلة الدراسة وحتى الوصول إلى مناصب إدارية عليا”.
أما موارد تمكين ( صندوق العمل) ؛ فقد بينتها المادة (17) من القانون حيث ذكرت أربعة موارد أهمها :1- ما يخصص للصندوق من الرسوم المحصلة من هيئة تنظيم سوق العمل.2- ما تخصصه له الدولة من اعتمادات. بالإضافة إلى التبرعات والهبات وكذلك عائد استثمار تلك الأموال .
ورغم وضوح الأهداف والمهام فضلاً عن الآمال والطموحات المرجوة من هذا الصندوق الذي كان بالفعل يُنظر إليه كأحد المبادرات الرائدة والمشروعات (المنقذة) والأمنيات الحالمة ببحرنة السوق وتصفير البطالة ، رغم كل تلك التطلعات ؛ إلاّ أن هذا الصندوق قد فاجأ المجتمع حينما توسّع في مسألة الدعم ونسي هدف تأسيسه و- ربما – تنكّر للأموال التي يتحصّلها كرسوم من أصحاب العمل فشمل برعايته وعنايته أيضاً غير البحرينيين حتى انصدم الناس مؤخراً – بعد مضي (12) على تأسيسه – بمن يخبرهم بأن الإحصائيات تشير إلى تملك الأجانب وسيطرتهم على مايزيد عن (85%) من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأن نسبة العمالة الأجنبية في القطاع الخاص قد تضخمت بدلاً من أن تكون قد تقلّصت !!
ومع هذا التحوّل الذي قامت به تمكين ( صندوق العمل) انتفت معه ( سالفة) تهيئة البيئة المناسبة لجعل العمال البحرينيين الخيار الأفضل للتوظيف من قبل أصحاب العمل. و(سالفة) رفع كفاءة العمال البحرينيين ومقدرتهم الإنتاجية وقدرتهم على المنافسة في سوق العمل. و( سالفة) رفع الميزة النسبية للعمال البحرينيين على غيرهم من العمال الأجانب. وماشابه ذلك من أهداف كانت مسطّرة في قانون إنشائها وأمنيات وأسباب انطلاقتها .
حدث ذلك بالرغم من الضائقة التي بات يشعر بها الكثير من المواطنين ، سواء من شحّ الوظائف وتزايد العاطلين أو عدم قدرتهم على الاستثمار وفتح مشاريع تجارية لسبب شدّة المنافسة الأجنبية ولسبب ارتفاع الرسوم والإيجارات والضرائب وماشابهها من القائمة التي تعرفونها.
ومع صعوبة أحوال التجار البحرينيين وتزايد العاطلين وتكاثر الشكوى حول دور تمكين وتحقيق مهامها وأهدافها التي تأسست عليها إلاّ أنها – تمكين – بدت ماضية في سياستها وإجراءاتها لاتأبه لكل تلك المشكلات . وهي بالمناسبة مشكلات معقدة ، وليست سهلة ، وليست مما يمكن غضّ الطرف عنها ، فالبطالة والاستحواذ الأجنبي على القطاع الخاص إنما هي في حقيقتها ومآلاتها نواقيس خطر على المجتمع واستقراره ونموّه الاقتصادي . وزاد الطين ( بلّة) مايُسمى بالتصريح المرن الذي سمح لعشرات الآلاف من العمالة الأجنبية أن تسرح وتمرح وتنافس المواطنين في وظائفهم ( الشحيحة) وأرزاقهم ومشاريعهم التجارية. وهكذا استمرّت تمكين ( صندوق العمل) صامتة و(ساكنة) أمام كل هذه المتغيرات الصعبة بالنسبة للبحرينيين ، لاتفكّر بالعودة إليهم والاقتصار عليهم حسب بدايات تأسيسها .
وبينما الناس ينتظرون عودة – تمكين ( صندوق العمل) – وتصليح مساراتها يكتشفوا أنها قد ذهبت في سياستها ومهامها المختلفة عن المنصوص عليه في قانون تأسيسها – إلى أبعد مما يُتصوّر ؛ حيث رتّبت لعقد مؤتمر لريادة الأعمال على مستوى عالمي تجرأت على أن توجّه الدعوة لحضوره والمشاركة فيه لعدد يزيد على الـ (40) شخصاً من دولة الإرهاب والاحتلال الإسرائيلي في خطوة غامضة ولازالت غير مفهومة . يزداد غموضها بالنظر إلى مخالفتها للموقف الرسمي لمملكة البحرين بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب ، ويتضاعف الاستغراب إزاء تعنّت تمكين ( صندوق العمل) وعزمها المضي في دعوة هؤلاء الصهاينة أمام حجم الرفض الشعبي لهذه الاستضافة ، وهو رفض اشترك فيه علماء دين ورجال فكر ومثقفون وفنانون وصحفيون ومغرّدون و … إلخ في صورة تقارب الإجماع الذي ساندته أيضاً السلطة النيابية الممثلة للشعب التي استمرّت على مدار ثلاثة الأسابيع الماضية تعبّر في كل جلسة لها عن رفضها هذه الزيارة وتستنكرها وكذلك (( تناشد)) تمكين والقائمين عليها التراجع عنها ، عن استقبال الصهاينة والتطبيع مع الكيان الغاصب!!
على أن المفاجأة أو الاستغراب الأكبر هو رد الحكومة الموقرة بأن مملكة البحرين كدولة منظمة للمؤتمر لم توجّه الدعوة لإسرائيل وأن المنظمين يمتلكون الحق في توجيه دعوات مباشرة لأي دولة وهذا من اختصاصهم، ولا شأن أو دخل لمملكة البحرين بذلك . أي كأنما تمكين ( صندوق العمل) قد أصبحت كما الدولة التي تستطيع أن تدعو من تشاء خارج نطاق التوجهات والسياسات العروبية والإسلامية لدولة المقر ، وبالمخالفة للسلطة التشريعية وإجماع الأسوياء من النخب وعامّة المجتمع على رفض تدنيس وطننا العزيز وتلويث سمعته التاريخية في نصرة القضية الفلسطينية ، فهل هذا مقبول ؟ وهل سيتم تأسيس سابقة في المستقبل أن أي صندوق أو منظمة أو جمعية أو نادي أو مركز شبابي أو نقابة أو مسجد أو مأتم أو كنيسة يمكنهم دعوة من يشاؤون وكيفما شاؤوا دون أن يكون للحكومة أي دخل أو شأن أو منع في تلك الدعوة حتى لو كانت للإرهابيين وشذّاذ الآفاق المحتلّين مقدّساتنا والملطخة أياديهم بدماء وأشلاء إخواننا الفلسطينيين ؟!!
لا للتطبيع
إعجابإعجاب