المقالات

مراكز سعادة المتعاملين

هي التسمية الرسمية لمراكز خدمة المراجعين في دولة الإمارات العربية المتحدة التي أعلن مؤخراً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس وزرائها حاكم دبي عن إجراء تقييم سنوي لها يكافئون من خلاله المراكز المتقدمة ويحاسبون المراكز المقصرة والمتأخرة عن اللحاق بطموحات الدولة وخططها في تطوير خدماتها وكسب رضا مواطنيها والمقيمين فيها عن مستوى ونوعية الخدمات التي يجري تقديمها لهم .

وأحسب أن هذه التسمية عندهم لم تعد تسمية رسمية فحسب وإنما تسمية فعلية لايمكن أن تخطئها العين عند أي زيارة لأي من هذه المراكز التي تنمّ في تصميمها وطريقة إدارتها عن تحضّر وإبداع يعكس مقدار الاهتمام والرعاية التي تنطلق منها الفلسفة الحديثة والحضاريّة لإقامة مثل هذه المراكز. وهي فلسفة تقوم على سرعة الإنجاز وتبسيط الإجراءات واختصار الخطوات مع اعتبار المراجعين زبائن يجب احترامهم وكسب رضاهم وإبعادهم عن ( المرمطة ) و( الشحططة ) .

قبل حوالي عام واحد ( أقل أو أكثر) زرت أحد هذه المراكز في دولة الإمارات العربية المتحدة ، كانت اللافتة المعلقة (مركزسعادة المتعاملين) بالنسبة لي مثيرة للانتباه والغرابة وكذلك للفضول . عند البوابة الرئيسية ؛ لم يطلب أحد البطاقة أو يسأل عن الهوية ! مواقف السيارات واسعة وتكفيك عناء اللف مرات ومرات ، وهي على بعد خطوات قليلة جداَ من المركز ، فضلاً عن أن هذه المواقف مجانية.

في بداية الدخول إلى المركز ؛ يوجد مكتب استقبال فيه موظفين مواطنين يرحبون بالقادم إليهم ببشاشتهم ولغتهم العربية ولهجتهم الجميلة ترحيباً أشبه باستقبال الضيوف والزائرين ، ثم يسألونك عن حاجتك وطلبك ويستخرجون لك رقم انتظار ثم يوصلونك للقاعة الرئيسية للخدمات بكل أدب ولطف وترحاب.

تصميم هذه القاعة الواسعة أقرب إلى مجلس ضيافة حيث الكراسي عبارة عن كنب (sofa ) – وليست كراسي حديدية أو بلاستيكية – تتسع لجميع المراجعين رغم كثرتهم ، ويتم تضييفهم بتقديم التمر والشاي والقهوة والماء لهم . وهناك منصات (طاولات) لاستقبال المراجعين وتقديم الخدمة لهم حسب تسلسل أرقام الانتظار ، عدد هذه الطاولات – ربما – يقترب من الـ (12) مكتباً أو أكثر، جميعها نشطة (شغّالة) ، وراء كل مكتب موظف أو موظفة لاتغادر محياهم الابتسامة ، يستقبلون المراجعين وجهاً لوجه بدون حواجز زجاجية أوغيرها ، ويستمعون إليه بكل اهتمام وعناية كأنما موضوع الطلب خاص بهم ! يدخلون البيانات والمعلومات في شاشات الكمبيوتر الموجودة أمامهم بسرعة فائقة،لاأتوقع أنهم ممكن يقولون للمراجعين كلمات من مثل (system down) أو (system erre) . أما الرسوم فيأخذها نفس الموظف في ذات الوقت ، ويخبرك أيضاً أن جزءاً من الرسوم سيذهب للبريد حيث سيصلك الرد أو القرار أو النتيجة إلى مكانك من خلال البريد المسجل خلال مدة يحددها لك – ليست مفتوحة – ويعطيك رقم اتصال للتواصل معه حينما تنتهي المدة المحددة بدون أن يصلك الرد .

أثناء الانتظار رأيت أكثر من موظف معه (آيباد) يبحث في وسط المراجعين عن كبار السن ، يجلس بجانبهم ويستفسرعن معاملتهم ويعمل على تخليصها لهم . ورغم العدد الكبير من المراجعين إلاّ أن العمل يمضي بانسيابية دون أي تعطيل أو تأخير حيث أن مدة بقائي في المركز لم تتعدّ النصف الساعة خرجت بعدها ممتنّاَ لما رأيت من عمل منظم وخدمات تحفظ للمراجعين قيمتهم وكرامتهم ولاتحسّسهم أنهم يستجدون خدمتهم . بالفعل خرجت سعيداً ومبهوراً بما لمست من عنوان (يصدقه الفعل) في مركز سعادة المتعاملين ، زاد انبهاري أن الرّد جاءني بالفعل عن طريق البريد خلال يومين .

أتذكّر أني ذات مرّة قدمت تظلّماً في أحد مراكزنا للمراجعين ، بعد أسبوع راجعتهم أسألهم عن نتيجة التظلّم ؛ ردّ علي أحد الموظفين : (تبي الرّد عقب أسبوع ! عبّالك في اليابان) . بالطبع صرفت النظر عن هذا التظلّم ولم أستلم ردّه حتى اللحظة.

سانحة :

أعتقد ليس لنا حاجة أن نصرف عشرات وربما مئات الآلاف من الدنانير على دراسات أو تطوير أو استنساخ نماذج وتجارب من الشرق أو الغرب بينما يمكننا الاستفادة والاحتذاء من خبرات وإنجازات قريبة منا ومتناسقة مع قيمنا المجتمعية ، هي أقل تكلفة – إن لم تكن مجانية – وأكثر جدوى من الاستعانة ببيوت خبرة هي أقرب إلى ( دكاكين ) تستنزف أموالنا نلجأ إليها – ربما – لمجرّد البهرجة و( الشو) الذي أصبح عنواناً واسعاً هذه الأيام للهروب من الإنجاز الحقيقي الملموس في واقع الناس ومعاشهم .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s