المقالات

شكراً .. أنت كفو

يُقال في أمثالنا الشعبية : “ما يطفح إلا اللوح ” ويُقصد بـ ” اللوح ” هنا القطعة الخشبية التي تطفو على سطح الماء ، وتعلو على بقية الأشياء، حتى إن كانت تلك الأشياء ثمينة وقيمة. وربما منفعتها أفضل من هذا اللوح .

ويُطلق هذا المثل في حياة الناس أكثر ما يُطلق حينما يتحسّر المجتهدون والمبدعون وأصحاب الكفاءات والقدرات والخبرات على بقائهم خارج دائرة الفعل ويغيب التقدير والتشجيع عنهم ولايأخذون مايستحقه جهدهم وعلمهم ومثابرتهم ومكابدتهم ثم يتفاجأون بغيرهم يتبوأون المراكز والمناصب ويُشار إليهم في المقدمة رغم أنهم بعيدين عن دنيا الكفاءة خالين من المؤهلات (الحقيقية) ولم يعرفوا معنى الاجتهاد والإخلاص ولاعلاقة لهم بالإبداع أو الإتقان ، فيكونون بالضبط كذاك اللوح الذي طفى واعتلى سطح الماء مع أنه ” لوح ” .

وبالفعل سيطرعلى الأفق واستحوذ الأضواء والإعلام أصناف عدّة ومتنوّعة ؛ سواء من التافهين الذين أسهموا في تسذيج الوعي الجمعي في وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف تسمياتهم أو الفاشلين الذين يتسوّلون أو – ربما- يشترون الشهادات والإشادات والجوائز والتطبيل لتسويق إنجازات وهمية غير ملموسة ولاأثر لها في حياة الناس ومعيشتهم. وبات لفترة ليست قصيرة من الزمن هذا هو المشهد السائد بالرغم من بعض مبادرات من هنا أو هناك تحاول إعادة الاعتبار والتقدير لمعنى الإنجاز الحقيقي وتسمية الأشياء بمسمياتها واستحقاقاتها الفعلية .

ومن تلك المبادرات هذا البرنامج الناجح (أنت كفو) الذي عرضه – مشكوراً – تلفزيون البحرين خلال الأيام القليلة الماضية والذي مثّل محاولة اختراق ناجحة لجدار المشهد البائس السائد . ولعلّ اهتمام الناس والتفافهم وثنائهم ببرنامج (أنت كفو) إنما هو تعبير صادق عن حجم الإحباط من حالة (تلميع مالايلمع) وجاء مثل هذا البرنامج بقصص إنجاز وربما بطولات تستحق أن يعرف الناس أصحابها ويشيرون إليهم بالتقدير والاحترام فضلاً عن عرض قدوات تستأهل الاحتذاء بها .

في الواقع ؛ البحرين ولاّدة بالكفاءات والنماذج المخلصة في جميع المجالات ، صغيرها وكبيرها. ولو استمرّ هذا البرنامج الناجح ( أنت كفو) في عرضها طوال العام لما كفتْه تلك الحلقات ؛ ليست في المجالات الاجتماعية والإنسانية التي وردت في البرنامج فحسب ، وإنما في شتى النواحي والمناشط ، على تنوّعها وتعدّدها غطّاها الإهمال أو النسيان أو التهميش أو تفرّغ الإعلام والأضواء للتافهين والفاشلين الذين غصّ بهم الأفق و(انغثّت) الأبصار والأسماع بهم.

سانحة :

بقي أن نشير إلى أن أحد أسباب نجاح ( أنت كفو) أن الفريق القائم على فكرته وإعداده وإخراجه مجموعة من الشباب أكسبوا البرنامج التجديد والإبداع والحيوية والنضارة وماشابهها من ميزات تضفيها الروح الشبابية التي نحتاجها للقفز في قطار عالم يموج بالمستجدات والتغييرات ؛ التطوير والتحديث فيه قد يُحسب بالدقائق والثواني لايستطيع الكهول والعجائز مجاراتها وركوب قطارها.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s