المقالات

بعد سبع سنوات من التعطّل !!

اقتراح حزين ومحبط وربما يدل على حالة من التيه والضياع أو التخبط وفقدان البوصلة ؛ وأعني به الاقتراح النيابي المنشورفي جريدة أخبار الخليج بتاريخ 19 يونيو الحالي بشأن إلزام الحكومة بتوظيف من زادت مدة بطالته من المواطنين على سبع سنوات ! تصوروا أنهم يريدون الإلزام بعد سبع سنوات وليس قبلها. أي أنه يمكن للمواطن بعد دراسته المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية (16) عاماً أن ينتظر أيضاً فوقها (7) أعوام ، ثم بعدها – فقط – يحصل إلزام الحكومة بتوظيفه ، هذا بحسب الاقتراح المذكور !!

 بينما المادة (13) من الدستور تنص في البند (أ) : “العمل واجب على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقا للنظام العام والآداب”. وتنص المادة ذاتها في البند (ب) : “تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه”.

ويأتي هذا الاقتراح بينما كانت معالجة البطالة من أهم الملفات أو الشعارات التي تم رفعها أثناء الانتخابات النيابية ،وكان الناس يتوقعون من نوابهم حلولاً آنية وجذرية لتوظيف أبنائهم ولملمة عطالتهم ووقف تضخم هذا الشبح المخيف الذي صار يتهدّد أبناء الكثير من الأسر والبيوت . كانوا يتوقعون أن تأخذ السلطة التشريعية زمام المبادرة في هذا الملف الذي يجب النظر إليه بمنتهى الجديّة في أبعاده الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية والأمنية والسياسية. وكانوا يتأملون ويطمحون إلى الكثير من الإنجاز فيه وحلحلة هذا الملف لكني أكاد أجزم أن لاأحد من المواطنين كان يتوقع أن يخرج بعض النواب بمثل هذه المعالجة غير الموفقة لهذا الملف الشائك والهام جداً ، فيقترحون أن لاتكون الحكومة ملزمة بتوظيف المواطن الشاب إلاّ بعد مضي سبع سنوات من تخرّجه ، هذه السبع من سني عمره ؛ هي سنوات أوْج العطاء والإبداع والحيوية التي يجب أن تستغلها الدولة في نهضتها وتطوّرها مباشرة بعد تخرجه.

في الربع الأول من العام الماضي 2020م ارتفعت آمال العاطلين عن العمل وصاروا يتابعون عن كثب واهتمام كبيرتصريحات السادة النواب عن نتائج تحقيق لجنتهم البرلمانية حول عدم قيام الجهات المختصة  ببحرنة الوظائف حيث تضمن التقرير المطالبة بمساءلة (6) وزراء مقصرين في بحرنة الوظائف في وزاراتهم . بل تضمن التقرير – بالأرقام والمواقع- مئات من الوظائف التي يشغلها أجانب يمكن بكل سهولة ومسؤولية إحلال بحرينيين بدلاء لهم بحيث أننا توقعنا أن هذه التوصيات والمطالبات النيابية التي أوردها تقريرهم بالإحصاءات والأرقام الدقيقة ، وكانت مادّة دسمة لتصريحاتهم وكذلك (تغريداتهم) ستقضي على النسبة (المعلنة) للبطالة في البلد (4%) دون حاجة حتى للقطاع الخاص. لكن انتهى (الموْلد بلاحمص) بالضبط مثل حالة لجنة التحقيق البرلمانية في التقاعد حيث ارتفع سقف التوقعات لدى المتقاعدين خاصة بالنسبة لإعادة زيادتهم السنوية بعد متابعتهم لتصريحات السادة النواب و(تغريداتهم) وربما (عنترياتهم) التي كانت على صياغة (لن نسمح المساس بمكتسبات المتقاعدين) وأظهرت تلك التصريحات ضياع أو فقدان أموال في خانة الملايين من الدنانير وسوء إدارة استثمارات مقارنة بمثيلاتها في الدول المجاورة ؛ وتوقع الناس الكثير والكثير من نوابهم قبل أن ينتهي الأمر و(انفضّ سامرهم) بمجرّد عرض تقرير لجنتهم على المجلس كما تقرير لجنة بحرنة الوظائف !! ثم فقط .

قد يكون مفهوماً أن تأتي الحكومة بمقترح إلإلزام بتوظيف العاطلين بعد سبع سنوات من التعطّل – رغم صعوبة تصوّر ذلك- فيكون على ممثلي الشعب حينئذ رفض هذا المقترح دفاعاً عن حقوق ناخبيهم خاصة الشباب منهم في العمل وعدم التعطّل وعدم ضياع سني دراستهم وشبابهم . لكن غير مقبول أبداً أن يكون بالعكس، أن يكون مصدر هذا الاقتراح الصادم ممثلي الشعب أنفسهم !!

سانحة :

يقول الأخ الفاضل جمال فخرو عضو مجلس الشورى في محاضرة بمجلس النائب إبراهيم النفيعي قبل بضعة أشهر: (دولة عدد العمالة الأجنبية فيها 800 ألف أجنبي تقريبا لانستطيع أن نجد فيها وظائف لعدد (15 أو 20) ألف بحريني ؛ أعتقد هناك مشكلة حقيقية ، نحن لانتكلم عن دولة العاطلين فيها فقط بحرينيين والعاملين فيها أغلبيتهم بحرينيين ، إنما نحن نتكلم عن دولة القوى العاملة الأجنبية فيها تزيد عن القوى العاملة الوطنية ، كيف يمكن أن نقبل أن يكون هناك بحريني عاطل وهناك أجنبي عنده وظيفة؟!! ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s