هو من الأمثال الشعبية الخليجية الشهيرة،وإن كان في أصله – مثلما يقولون – عراقياً، إلاّ أنه متوارث وشائع استخدامه في كثير من البلدان . ويقال إن لهذا المثل قصة أو حكاية؛وهي أن أحد الفقراء طرق باب امرأة غنية فاستجدى منها شيئاً يسدّ به رمقه. فأجابته:أليس لديك طباخ يطبخ لك طعاماً؟ هزّ الفقير رأسه متعجباً ومتسائلاً: كلا لا يوجد لديّ. قالت له : اثرد اللحم مع الخبز واغله ساعة من الزمن. هزّ رأسه مرة ثانية بالنفي. قالت إذا لم يكن لديك لحم فضع شيئاً من العسل على الخبز وكُل. هزّ الرجل رأسه ومضى في طريقه يردّد :”الشبعان ما يعرف همّ الجوعان” فأصبحت عبارته مثلاً يجري إطلاقه كإسقاط أو اختصار لحالة الغني أو الذي حصل على مبتغاه ثم يكون إحساسه بالآخرين أو من هم دونه قليلاً أو منعدماً.
في الجزيرة العربية يقولون:شوط الشبعان على الجوعان بطي، ويقصدون بـ ( بطي) بطيء المعونة. وفي العراق يقولون بطن الشبعان على الجوعان وني ، ويقصدون بـ ( وني) متواني عن المعونة .
وأصبح هذا المثل الشعبي حاضراً عندنا خلال السنوات القليلة الماضية أمام عدد من المواقف والتصريحات التي تقلّل من شأن المواطنين وتنتقص من كفاءتهم وقدراتهم وإبداعاتهم وتتهمهم في نفسيتهم وما إلى ذلك من أوصاف عند مناقشة أو طرح قضاياهم وحاجاتهم المعيشية في صورة باتت تشكّل حالة من الاستفزاز القميء غير المبرّر لعلّ آخرها هو عدم قبول بعضهم بحقّ الأفضلية في التوظيف للبحرينيين أو قولهم إن إعطاء البحرينيين الأفضلية على الأجانب في العمل يُعدّ تمييزاً !! وذلك في سابقة غير معمول بها أو نادرة لايقول بها أحد في مختلف دول العالم التي من المسلّمات أو الثوابت لديها أن تميّز مواطنينها وتعطيهم الأفضلية ليس في العمل فحسب وإنما في شتى المناحي. بل إن هنالك من جيراننا – مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان – من لم يكتفوا بإلزام الأحقية والأفضلية لمواطنيهم وإنما قاموا بتوطين وظائف وقطاعات مهنية واسعة وتخصيصها لأبناء وطنهم حصراً وقصراً.
وربما أغلب أصحاب تلك المواقف والتصريحات المذكورة هم من الطبقة المخملية – أو (حديثي نعمة)- التي لاتجري عليهم أو على أسرهم وأبنائهم معاناة المواطنين وشظف عيشهم.فمساكنهم كما القصور العاجية ربما مساحة الغرفة الواحدة فيها تكافيء مساحة بيت إسكان، لايعرفون قوائم انتظار فقد تم تأمين سكنهم إما وهم أجنّة في البطون أو أطفالا لازالوا في روضاتهم . لايدفعون أقساط قروض أوإيجار أو أقساط إسكان ، لايبالون بضرائب أو رسوم ولايهتمون إن زادت فاتورة الكهرباء والماء أو ارتفع سعر اللحم والبنزين أو غلا طعامهم وشرابهم. ومداخيلهم الشهرية من رواتب – وربما بعضهم يجمع بين الراتب والمعاش التقاعدي – تساوي رواتب أقوام لاتصمد رواتبهم إلا بضع أيام من بداية الشهر.وأبناء أصحاب تلك التصريحات والمواقف إن تخرّجوا من الثانوية؛ماعليهم إلاّ أن يختاروا مايريدون من التخصصات والجامعات ثم تبحث عنهم الوظائف ولايبحثون عنها. وإن مرضوا فإن المستشفيات الخاصة مكانهم ، وإذا زاد على أحدهم مرضه طار به الطائر الميمون إلى أي مستشفى أو منتجع صحي يختاره من بلاد الدنيا.
فهؤلاء إذا ناقشوا قضايا الناس ومشكلاتهم فإنهم يتكلمون من واقعهم وطريقة معيشتهم وحالتهم المادية ومن خلال ملاعق الذهب التي يأكلون بها ولايستطيعون بالتالي حلّ مشكلات الناس ومعضلاتهم المعيشية أوالتعبير ونقل معاناتهم بكل وضوح ودقّة وموضوعية مهما فعلوا وبذلوا لالشيء سوى أن “بطن الشبعان على الجوعان بطي”.