مهما قيل في قسيمة المساعدة المدرسية التي أمرت بها القيادة الرشيدة تبقى في نهاية الأمر لفتة جميلة تستحق الشكر والإشادة في ظل أوضاع معيشية تتزايد مصاعبها ويمكن لأي مساعدة – مهما كانت – أن تُسهم في التخفيف. وذلك مع التمني بأن يكون مبلغها في الأعوام القادمة أكبر من ذلك وأن تشمل أيضاً المدارس الخاصة على اعتبار أن الجميع بات يعرف – ولأسباب ما – تزايد أعداد البحرينيين في المدارس الخاصة حتى من ذوي الدخل المتوسط والمحدود الذين باتوا يقترضون ويستدينون لأجل ذلك.
على أن الأمر الأهم هنا؛ هو حالة التذمّر والاستهجان التي تصاحب الإعلان عن أي خبر أو إنجاز رسمي،وهي الحالة التي سرعان ماتتحوّل إلى أنواع عدّة من السخرية والتندّر وإطلاق النكات وماشابه ذلك مما نقرأ ونسمع فيما يشكّل في استمراره على هذا النحو ظاهرة غير صحيّة تستحق البحث والتقصّي عن أسبابها لما قد تمثله هذه الحالة من زعزعة الثقة بين طرفين يُفترض أن التواصل بينهما قائم على المصداقية والشفافية. والانتقاد مبني على المعلومات والبيانات في ظل آفاق واسعة من الحرية والاحترام.
ربما من المهم هنا القول بضرورة أن تحرص الجهات الحكومية حينما تعرض إنجازاتها وأرقامها أن تكون حقيقية ولها انعكاس يشعر به الناس في عموم معيشتهم وأن تبتعد عن المبالغات أوالجوائز والشهادات الخارجية من (دكاكين) العلاقات العامة وماشابهها باعتبار أن الإنجاز الصحيح هو مايشهد به مجتمع الناس ويلمسونه في واقعهم وسويّة معيشتهم من دون الحاجة لشاهد إثبات خارجي.
غير أن المشكلة التي تستحق التوقف عندها هي – في نظري المتواضع – مايتعلق بالإعلام ؛ في طريقة عرض الإنجاز وإيصاله للناس بحجمه وشكله الطبيعي والمنطقي. حيث يتبين من خلال المتابعة أن هذه الطريقة تأخذ خطين – ربما لاثالث لهما – إما الانتقاص أو الإخلال سواء في العناوين أو في التفاصيل والصياغات وإما المبالغة في الإطراء والمدح .
وأحسب أن الخط الثاني – المبالغة في المدح والإطراء- هو سبب رئيسي ساهم في نشوء حالة الاستهجان والإنكار للإنجازات وتحوّلها إلى السخرية والتندّر. ويزيد في المشكلة أكثر فأكثر حينما يحوّل الإعلام والصحافة هذا الإنجاز إلى حفلة من الردح تطبيلاً ونفاقاً سمجاً وممجوجاً من قبل مطبلين ومتمصلحين وغيرهم من سقْط المتاع ، بل حتى نوّاب ونائبات دخلوا على هذا الخط؛أقصد خط التطبيل والتمصلح وتسذيج الوعي وتسطيحه بصورة تُسقط من الهبية المفترضة للمشرّعين، وتُسهم في الإساءة إلى الإنجاز وإلى صاحب الإنجاز خاصة وأن الأجداد والآباء يقولون في أمثالهم الشعبية ” ترَه الزود نقْص”.
سانحة :
من الأقوال المشهورة لصاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت رحمه الله ” نريد أن تكون الإنجازات تصريحاً لا أن تكون التصريحات إنجازاً”.