أتساءل دائماً ،- وكتبت ذلك سابقاً في عمودي راصد بعنوان (الغائبون عن الترشيح ) بجريدة أخبار الخليج بتاريخ 3 أكتوبر 2014م https://bit.ly/3eiz9j5 – عند اقتراب الاستحقاق الانتخابي، ومع تزايد أعداد المترشحين لقبّة البرلمان؛ أتساءل عن سرّ أو أسباب الغياب اللافت لفئات وشرائح تعتبر أركاناً هامّة تقوم عليها المجالس النيابية والتشريعية في كثرة من دول العالم خاصة الدول المتقدّمة التي يصعب تسليم مهام التشريع والرقابة فيها إلاّ للنخب المؤهلة والقادرة من المجتمع مثل وزراء أو سفراء أو رجال اقتصاد أو أطباء أو مهندسين أو رؤساء وأساتذة جامعات أو مدراء بنوك ومؤسسات مالية واقتصادية أو خبراء وما شابههم من كفاءات وأصحاب مهن وتخصصات ومؤهلات علمية معتبرة (ومعتمدة وحقيقية) تقوى بهم تلك المجالس وتفخر بهم أوطانهم ، ويتمكنون من رفد مسيرة بلدانهم في مجالات التنمية والبناء بالشراكة مع الحكومة ومؤسسات الدولة .
إن أي استعراض سريع لهذه الأعداد المتزايدة من المترشحين النيابيين هذه الأيام سيلحظ هذا الغياب اللافت؛ فهم – على الغالب – ليسوا رموزاً في دنيا الناس ومجتمعاتهم، ليس لهم في دنيا السياسة خبرة أو نصيب، ولامن التجارة والاقتصاد حظوظ، ليسوا قادة رأي أو مفكرين أو علماء أو أدباء، ليسوا رؤساء أو أساتذة جامعات أو أصحاب تخصصات ومؤهلات معتبرة ، وليسوا وجهاء وأعلام ، وليسوا أقطاباً وأصحاب فضل في مناطقهم، بل لانبالغ إن قلنا أن كثرة منهم – ربما – مجاهيل وغير معروفين فيها. والأسوأ أننا لن نجد في عمومهم إلاّ مستويات متواضعة في إمكانياتها ومؤهلاتها وقدراتها وفكرها،ولاتتعدّى بضاعتهم وبرامجهم الانتخابية سوى موضوعات وأمور عامة وعادية جدا تتناسب أو لاتخرج عن نطاق مايحملونه – ربما – من مؤهل معرفة القراءة والكتابة وفقط!
في هذه الأيام،عند استعراض قوائم المترشحين والاستماع إلى مقابلاتهم وتناقل عموم الناس في وسائل التواصل الاجتماعي مقتطفات منها؛ تدور في مخيلتي قضايا ومشكلات كبرى مثل مواجهة الدين العام،وهو الآن بالمليارات الدنانير،ومثل الأزمة الإسكانية الطاحنة وقوائم الانتظار فيها التي تجاوزت أعدادها خانة الـ (50) ألف طلب، والعجز الاكتواري في صناديق التقاعد ومانتج عنه من تعديلات في القوانين مسّت حقوق ومكتسبات الموظفين والمتقاعدين وألغت حتى زيادتهم السنوية ،وهناك المطالب الشعبية بزيادة الرواتب، سواء في القطاع العام أو الخاص،وقضايا التضخم وغلاء الأسعار والضرائب،وقضايا أخرى تخص الصحة كالتأمين الصحي ومدى قدرة الدولة على الاستمرار في تقديم العلاج المجاني بذات الجودة واستطاعتها استيعاب المقيمين والأجانب في مستشفياتها ومراكزها الصحية،ومثله قضايا التعليم ومواكبة مستجداته المتسارعة ومدى مناسبة مخرجاته لسوق العمل .ثم استذكر قضية القضايا وهي البطالة وتعطل خريجي المدارس والجامعات عن العمل أمام تغوّل مخيف للعمالة الأجنبية . ويمرّ في فكري طيف رؤية البحرين للعام 2030 ، واستذكر قضايا وموضوعات كثيرة تخصّ حاضر البلاد ومستقبلها.
ثم يقفز إلى ذهني مايتعلق بتمثيل البحرين بالخارج ، في مختلف المؤتمرات واللقاءات والندوات والورش والحلقات النقاشية وغيرها من المناسبات البرلمانية،إقليمياً وعربياً ودولياً. فالبحرين اليـوم عضو في كبريات المنظمات وأهم الاتحادات البرلمانية، وصارت للسلطة التشريعية بمجلسيها الشورى والنواب عندنا – تبعاً لذلك – التزامات ومشاركات وإسهامات متعددة ومتنوعة في هذه المحافل،المأمول أنها ترفع من اسم البحرين عالياً،وتدعم وتحشد التأييد لها وتمنع التشويه والتحريض ضدّها،وتعزّز مكانتها وتحمي مكتسباتها وتقدّم صورة منطقية وحقيقية عن واقعها، وتنسق مع دول الجوار والمنظومة العربية والإسلامية مواقفها ومنطلقاتها وقضاياها،ونحسب مقدار الحرج أو حتى ( الفشيلة ) حينما يمثل البحرين في تلك المحافل والأنشطة والمنتديات من تواضعت مؤهلاته وقدراته وإمكاناته وثقافته ومعرفته، وذلك بالمقارنة أمام جموع من المشرّعين والخبراء والمتخصصين، سواء في السياسة أوالاقتصاد أو القانون أو التعليم أو الصحة أو الاجتماع أو مثلها من تخصصات لايتأتى المساهمة فيها بفاعلية وفرض الرؤى والمواقف من قبل أشخاص ليس في وارد سيرهم الذاتية أو اهتماماتهم سوى ما ترونه وتقرأونه وتسمعونه في هذه الأيام من شحّ الخبرات أو تواضع المؤهلات أو ندرة التخصصات أو ضعف القدرات أو انصراف الاهتمامات.
حينما استذكر كل ذلك وأكثر؛لا أملك حينئذ إلاّ أن أضع يدي على قلبي خوفاً وقلقاً. ومن ثم أدعو جموع الناخبين إلى عدم التفريط في حسن اختيار من يمثّل البحرين والبحرينيين، يمثّل بلد الكفاءات والمؤهلات، بلد الفضل والسبق في شتى المجالات. يمثل أبناء البحرين القادرين على تخطّي الأزمات ومعالجة الشائك من المشكلات والقضايا في ظل قيادتها وحكومتها الرشيدة.
سانحة :
من أكثر الأمور التي كنّا نتعرّض فيها للإحراج إبّان عملي في الأمانة العامة لمجلس النواب حينما كنّا نطلب ونشترط الشهادة الثانوية عند توظيف السوّاقين والفنيين ومثلهم من الوظائف الدنيا التي نريدها أن تقدّم الدعم والخدمات لنواب لايُشترط فيهم سوى معرفة القراءة والكتابة!!
رأي واحد على “لايُشترط فيهم سوى معرفة القراءة والكتابة!!”
أعتقد يجب دراسة الدوائر من جديد ، بعض الدوائر أصبحت قليلة من حيث عدد المواطنين ، فنادرا ما تجد فيها كفاءات يودون الترشح. بينما هناك دوائر أخرى يكون فيها عدد كبير من الكفاءات ، لكن لا يفوز منها إلا شخص واحد (في حال فوزه)
أعتقد يجب دراسة الدوائر من جديد ، بعض الدوائر أصبحت قليلة من حيث عدد المواطنين ، فنادرا ما تجد فيها كفاءات يودون الترشح. بينما هناك دوائر أخرى يكون فيها عدد كبير من الكفاءات ، لكن لا يفوز منها إلا شخص واحد (في حال فوزه)
إعجابإعجاب