أقدمت عدة جهات على ارتكاب مخالفة واضحة وصريحة لقانون نافذ وساري المفعول يُعدّ- ربما- في هذه الأيام من أهم القوانين التي يجب مراعاتها وعدم الحيْد عن تنفيذها لأن له علاقة مباشرة بقضية خطيرة وحساسة جداَ تكاد تكون هي الشغل الشاغل لهموم المجتمع وتحتل المرتبة الأولى (بلا منازع) بين كل قضايا الناس خلال هذه الفترة ،وباتت تمثّل قلقاً مخيفاً على أمن المجتمع واستقراره بحيث أن أي خطأ أو مخالفة في تنفيذ الخطط والقوانين الهادفة لتجاوز هذه المعضلة قد ترتقي في مصاف الجريمة التي يجب محاسبة مرتكبيها وعقابهم.
المخالفة التي نتكلّم عنها لم ترد في (سوالف) الناس بمجالسهم، وليست تغريدات أو (voice) أو رسائل (واتساب) أو ماشابه ذلك من شكاوى وانتقادات وملاحظات اعتاد بعض الطبالة والمتمصلحين من سقط المتاع تبسيطها وتسذيجها وتضليل أصحاب القرار بشأنها ووصفها بأنها مجرّد ( تحلطم) لايُأبه به.
إنما المخالفة التي نحن بصددها أوردها تقرير رسمي على مستوى عالٍ من الأهمية والمكانة؛هو تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الصادر مؤخراً حيث نشرت غالبه صحفنا المحلية وهو منشور حالياً بالكامل في الموقع الرسمي لمجلس النواب. تقول المخالفة الواردة في الصفحة (53) من التقرير تحت عنوان: ( توظيف غير البحرينيين)، أنقلها بالنص دون ذكر الجهات: (قامت……………….و……………………..و …………………………. بتعيين أو الاستمرار بتعيين موظفين غير بحرينيين بعقود، بالرغم من أن الوظائف المعينين عليها لاتُعد من التخصصات التي يتعذّر الحصول على مرشحين بحرينيين مناسبين لشغلها،ودون وجود ما يفيد قيام تلك الجهات بالبحث وتعذّر الحصول على مرشحين بحرينيين مستوفين لشروط شغل تلك الوظائف،الأمر الذي يُعدّ مخالفاً لأحكام المادة (11) من قانون الخدمة المدنية والتي تنص على أنه “… يجوز شغل الوظيفة بغير البحرينيين بطريق التعاقد في حالة تعذر الحصول على المرشحين البحرينيين الذين يستوفون شروط شغل الوظيفة المطلوبة)انتهى.
بمعنى أن هذه المخالفة التي ضبطها ديوان الرقابة وأثبتها في تقريره تحتوي على ثلاثة أركان،أولها: توظيف غير بحرينيين. وثانيها: أن هذا التوظيف تم لوظائف لاتُعد من التخصصات التي يتعذّر فيها الحصول على بحرينيين. ثالثاً: أن تلك الجهات لم تكلّف نفسها عناء البحث عن مرشحين بحرينيين مستوفين لشروط شغل تلك الوظائف. وهذه الأركان الثلاثة تشكّل في مجموعها مخالفة متكاملة نصّت عليها المادة (11) مرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 بإصدار قانون الخدمة المدنية.
ومثلما قلنا فإن جسامة هذه المخالفة تفرضها القضية الخطيرة الأبرز التي يعاني منها المجتمع حالياً؛ وهي قضية البطالة حيث لاتكاد تخلو بيوت المواطنين من أبناء وجدوا أنفسهم بعد تخرجهم من المدارس والجامعات عاطلين عن العمل الذي هو حق عام من حقوقهم نصّت عليه المادّة (13) من دستور مملكة البحرين (العمل واجب على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقا للنظام العام والآداب).
وبالتالي؛ تمسّ هذه المخالفة – في مضمونها وخطورتها- الحقوق العامة التي ينبغي المحافظة عليها وعدم انتهاكها. وأقترح على جميع الجهات المختصة والمسؤولة؛ القيام بدورها تجاه هذه المخالفة التي قلنا أنها ترتقي في جسامتها وتوقيتها إلى حدّ الجريمة. حيث يمكن تكييفها بالإضافة لمخالفتها لصريح النص القانوني الوارد في المادة (11) مرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 بإصدار قانون الخدمة المدنية؛أنها تمثّل أيضاً انعدام حسّ المسؤولية الوطنية تجاه شأن عام على مستوى عالٍ من الأهمية يخص أبناء الوطن وأمنه الاجتماعي. وكذلك وهو الأهم هو مخالفة التوجيهات السامية لجلالة الملك المعظم والتعليمات المتكررة والأوامر الواضحة جداً لصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر بجعل المواطن هو الخيار الأوّل.
سانحة:
لايصحّ أن تُقال عبارات مثل (عدم وجود بحرينيين مؤهلين أو تنقصهم المهارة اللازمة أو التخصص المطلوب) عند تبرير اللجوء لتشغيل غير بحرينيين.لأن استخدام وتكرار هذه الذريعة سيكون في واقع الحال والمنطق أقرب إلى الإهانة أو الفضيحة بالنظر إلى مضي أكثر من مائة عام على التعليم النظامي عندنا، وبعد مرور مايقارب (50) سنة على تأسيس جامعتنا الوطنية (جامعة البحرين)، وفي ظل وجود حوالي (10) جامعات أخرى ، ومثلها وأكثر من المعاهد والمراكز التدريبية .