راصد

أحداث توتنهام إذا حقت حقايقها

يستوجب علينا في هذه الأيام أن نتابع بدقة رد فعل السلطات وقوات الشرطة البريطانية تجاه أعمال الشغب والاعتصامات المستمرة لليوم الثالث على التوالي في لندن بعد أن انطلقت شرارتها الأولى في حي توتنهام بشمال لندن ليل السبت الماضي ، لنتعرف أو نقارن بين الادعاء والممارسة .

نقارن بين مطالبات بريطانيا للآخرين بضبط النفس مع المخربين وألايفرطوا في استخدام القوة لوقف أو قمع أعمال الشغب وبين ممارساتها داخل حدودها  عندما تندلع فيها ذات هذه الأعمال ، فتهبّ بكل قواها لحماية هيبة القانون ومؤسساتها وفرض النظام غير عابئة بمطالباتها وضغوطاتها على الآخرين تجاه نفس العمل .

ففي يوم السبت الماضي أصدر مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون – الذي قطع إجازته –  بياناً أدان فيه أعمال العنف، وصرح متحدث باسم المكتب إن ” أعمال الشغب التي جرت في توتنهام الليلة الماضية غير مقبولة مطلقاً ” وأضاف “لا يوجد أي مبرر للعنف الذي واجهته الشرطة والناس أو لتخريب الممتلكات ” وزيرة الداخلية تيريزا ماي ، هي الأخرى قامت تهدد وتحذر فقالت أنه  ” لن يتم التسامح مع مثل هذا الاستخفاف بالسلامة العامة والممتلكات العامة “.

ولكم أن تلاحظوا أن أعمال الشغب هذه قد اندلعت بسبب مقتل المواطن مارك دوغان ، البالغ من العمر (29) وهو أب لأربعة أطفال على يد ضباط شرطة أثناء تبادل لإطلاق نار ، ومع ذلك فإن قائد الشرطة ادريان هانستوك يقول : ” رغم أنه من المأساوي للغاية مقتل أي شخص، إلا أن ذلك لا يعطي الأقلية المجرمة الحق في تدمير المتاجر ، ومصادر الرزق وسرقة مجتمعهم المحلي”.

المسؤولون البريطانيون مستغربون وقلقون من هذه الأعمال والاحتجاجات المستمرة لثلاثة أيام حيث أعرب عمدة لندن بوريس جونسون عن هلعه إزاء مشاهد العنف والدمار التي صاحبت أعمال الشغب. فيما قال عضو مجلس العموم ديفيد لامي: ” إن قلب المجتمع المحلي اقتلع من موضعه عن طريق أشخاص أغبياء جاء العديد منهم من خارج توتنهام لإحداث مشكلات ” تصوروا أن كل هذا الهلع والتهديد والوعيد عن مجرّد ثلاثة أيام ، ثلاثة أيام فقط من الاحتجاجات والشغب وحرق المتاجر وحاويات القمامة وسدّ الطرق لم تستطع بريطانيا أن تصمد إزاءها فتطبق ما تطالب به الآخرين في مختلف بقاع الدنيا ، ومنها البحرين !

بالطبع ، لم تتوقف الممارسة البريطانية أمام هذه الاحتجاجات وأعمال الشغب عند حدّ التهديد والوعيد وإنما انتقلت إلى مرحلة الفعل حيث بلغ عدد المعتقلين حتى الآن (87) معتقلاً – في ثلاثة أيام – ومن شاهد صور الفضائيات المختلفة فإنه سيلاحظ الشرطة يلاحقون المحتجين ليس بالهراوات فقط وإنما كانوا يسلّطون عليهم الكلاب البوليسية في منظر مقزز وخالي من الإنسانية التي ما فتأوا يطالبون ويضغطون على الآخرين باسمها ولأجلها لكنهم أبعد ما يكونون عنها ” إذا حقت حقايقها ” .

سانحة :

المساس بالأمن والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة خطوط حمراء لدى جميع الدول ، وإن السكوت أو التهاون بشأنها إنما هو ضرب لهيبة الدولة والقانون لا يمكنهم القبول به ، وأمريكا وبريطانيا ليست استثناء من ذلك ، والدليل ما يحدث في لندن الآن عندما ” حقت حقايقها ” .

أضف تعليق