راصد

المغامرة بالأطفال

رحم الله هذا الطفل الذي انطفأت سني حياته البالغة (14) ربيعاً في ظروف وملابسات لا يزال الغموض يلف جوانبها أو للدقة فإن هذا الغموض موجود فقط لدى وزارة الداخلية وعموم الرأي العام البحريني أما المعارضة فإنها قد حسمت أمرها منذ الساعات الأولى للإعلان عن حالة وفاته وتكشف لديها الجناة ووجهت أصابع اتهامها لقوات الأمن على سبيل القطع واليقين حتى قبل ظهور تقرير الطبيب الشرعي ، وتم استغلال هذا الحادث المأساوي لغرض المتاجرة به سياسيا ، في الداخل كما الخارج ، دونما مراعاة للفجيعة الإنسانية التي خلفتها تفاصيل الإصابات المروعة لهذا الطفل .

وليس من المتوقع أن تغير نتائج التحقيقات التي تجريها الآن أجهزة الدولة من قناعات واتهامات المتاجر السياسية والحقوقية بشأن قتل هذا الطفل ؛ فذاك أمر قد قضى بالنسبة لهم ، ولا معقب عليه ، خاصة أن هذه المتاجر قد علّمت أتباعها على قاعدة ” لا أريكم إلاّ ما أرى ” .

غير أنه بغض النظرعن جميع تلك التفاصيل والروايات المتزايدة من هنا وهناك فإن أحداً من المتاجرين بقتله لم يُشر من قريب أو بعيد إلى ضرورة عدم الزج بالأطفال ممن هم في مثل سني علي جواد إلى أتون تلك الاحتجاجات والمسيرات السياسية التي يجب أن نبعد وننأى بالأطفال عنها ونجنبهم عواقبها وألا يتم استخدامهم أو استغلالهم على نحو مارأينا خلال الأزمة المؤسفة التي مرّت على وطننا العزيز .

في اعتقادي إن القاتل الحقيقي هاهنا هو من حرّض علي جواد ذا الأربعة عشر عاماً ودفعه لركوب هذه الموجة وشجعه على سلوك درب المسيرات والاحتجاجات ( السلمية ) غير آبه بأبعادها وعواقبها ، ولم يُراع صغر سنّه وحداثة عهده بالحياة وعدم معرفته بما يدور في ذهن الكبار عنها . وكنت أتمنى أن ينصرف جزء من الجهود وتتوجه الأقلام للتركيز على هذه الناحية الإنسانية ، خاصة تلك الأقلام التي كانت تمارس أثناء الأزمة أدوارها المشبوهة في التحريض والإساءة إلى الوطن والتفرقة بين أبنائه ثم عادت إلينا الآن بلباس الناسك المتعبّد بالوحدة الوطنية !

من يحرص على ( السلمية ) وعدم إراقة الدماء وإزهاق الأرواح ؛ الأولى له أن يُبعد الطفولة عن هذا المنحى ويُفسح لهم المجال لأن يقضوا طفولتهم في عالمهم الخاص بهم المليء بالحب والسعادة والأحلام والترفيه وأن نرتب لهم مستقبلهم ونيسر لهم غراس الخير والأمن والاستقرار في الوطن بدلاً من أن نجعلهم – وهم في هذه السن – أدوات ومعاول في احتجاجات ومسيرات  ( سلمية ) لا دخل لهم فيها .

لا تحتاج هذه البديهية لأن تأتينا من منظمة العفو الدولية أو غيرها حيث أن قيمنا وموروثاتنا الاجتماعية تكفينا لأن نحفظ أطفالنا ونمنع استغلالهم أو استخدامهم كدروع أو ما شابهها في معارك ليسوا أطرافاً فيها .

سانحة :

فيما مضى من السنوات حينما يتم القبض على بعض المخرّبين في أعمال الشغب أو الاحتجاجات ؛ كان ينبري بعض علماء الدين أو النواب ، يدافعون عنهم ويطالبون بإطلاق سراحهم ويقولون عنهم ( يهالو، لاتاخذون عليهم ) ! ولعل العلماء والساسة هم أقدر الناس على النأي بهؤلاء الـ ( يهالو) عما يجري الآن ، ذلك لو أرادوا ..

أضف تعليق