لا تكاد تهدأ الغرائب التي تنهال علينا هذه الأيام من دون أن نستطيع تفهمها واستيعابها ، ولا نملك أمامها إلاّ اجترارها أو التألّم والاستغراب بشأنها ثمّ نسلّم مسألة فكّ ألغازها للقول المشهور ” في شي احنا مانشوفه ” .
ففي الوقت الذي تسعى الدولة لتهدئة الأوضاع و( جبر الخواطر ) وما يمكن تسميته بالتراجعات في ملفات وقضايا كثيرة تختص بالمعتقلين والموقوفين والمفصولين و… إلخ ؛ لا نجد من المعارضة إلاّ المزيد من التصعيد في عمليات التظاهر والتخريب وسدّ الطرق وحرق حاويات القمامة وما شابه ذلك من عمليات ليلية مستمرة تجعلنا نتساءل عن سرّ تزايدها وغرض استمرارها – والأهم – سبب استمرار الدولة في تقديم هذه التراجعات والتنازلات طالما أنها بدون مقابل ، بدون مقابل يطمئن بقية المواطنين ( سنّة وشيعة ) أن هنالك مشروع أو مبادرة لمعالجة معينة تقدّم الدولة فيها شيء مقابل شيء حتى ولو كان ذلك على حساب تطبيق القانون وسيادته ! هذا هو المتوقع أو بحسب المنطق إلاّ إذا كان ” هناك شي احنا مانشوفه ” .
ومن غرائب أمور هذه الأيام هو الظهور المفاجيء الآن ، في شهر سبتمبر لشريط يصوّر حادثة حصلت في شهر مارس ، أي خمسة أشهر بينهما تقريباً ، الشريط يتضمن ما يمكن تسميته محاولة اغتيال لطالب جامعي تم ضربه والاعتداء عليه في جامعة البحرين ، انتشاره على هذا النحو المخيف الآن يثير أسئلة كثيرة من مثل : لماذا لم يظهر للعلن إلاّ الآن ؟! ولماذا تم الاحتفاظ به طوال هذه الأشهر الخمسة إلى حين قبل بدء العام الدراسي الجامعي الجديد ؟ لماذا لم يتدخّل المصوّر- رغم مايملكه من إمكانيات – لإنقاذ هذا الطالب بدلاً من الاكتفاء بالتصوير مع أن المشهد كان أو كاد يمكن أن يفضي إلى حدّ القتل ؟ لماذا لم تحرّك الأجهزة الأمنية أو النيابة العامة ساكناً أمام هذه الحادثة ؟ استفهامات وأسئلة كثيرة حول هذا الشريط تتزايد عندما ينتشر أيضاً بين الناس أن هنالك أشرطة لحوادث مثلها لازالت غير معلنة ، لا ندري مقدار فظاعتها ولانفهم سرّ إخفاؤها لأن المفروض غير ذلك لكننا لا نملك إلاّ أن نقول يمكن ” هناك شي احنا مانشوفه ” .
ومادمنا في صدد جامعة البحرين فإن هنالك أسئلة من الطلبة لا يهدأ بريدنا من استلامها تتعلق بعودة المفصولين وعن ضمانات حمايتهم وغيرها من استفسارات هي أقرب إلى المخاوف التي لا نستطيع الرد عليها إلاّ بقولنا ” هناك شي احنا مانشوفه “.
من الغرائب شريط تسجيل آخر ظهر في هذا الوقت أيضاً تحت مسمى ” الشاهد العتيد” يُقال أنه لشرطي في وزارة الداخلية يعترف أنه هو الذي حمل السلاح في حادثة دهس الشرطي وهو الذي هرب به وليس آخرين تم عرض شهادتهم في التلفاز ! من سرّبه ؟ من أعدّه ؟ لماذا هذا الوقت ؟ أسئلة لا جواب لها إلاّ ” هناك شي احنا مانشوفه ” .
شريط تسجيل آخر متداول في هذه الأيام أيضاً ؛ مجموعة من المخرّبين يقومون بكتابة شعارات وعبارات معادية للدولة ورموزها على جدار مقر مركز شرطة !! هكذا عيني عينك ، لماذا لم تتدخل الشرطة – على الأقل – للمحافظة على هيبتها وهيبة المكان ؟! سؤال لا جواب له غير ” هناك شي احنا مانشوفه ” .
غرائب كثيرة حول دور ( لجنة بسيوني ) والصلاحيات والاختصاصات الممنوحة لها والتدخلات المسموح بها ومن يعمل معها ، وغرائب عن مبادرات نسمع عنها تمسّ رموزنا ، وغرائب عن عودة الإعلام إلى ما يشبه سابق عهده ، وغرائب عن التجمع الذي بدأ قوياً وإطاراً جامعاً لأهل السنة والجماعة ثم جرى تفتيته بأيدي أصحابه في ظروف غامضة لتُنزع منه في نهاية المطاف ( أل ) التعريف ويصبح مجرّد جمعية من الجمعيات بعد أن تأملناه وطالعنا فيه جمعية الجمعيات ، وغرائب عن توقف أو فتور حماس لتعديل أوضاع هنا في الداخل وهناك في الخارج وما شابهها من عجائب نستغربها ونحاول تحليلها لكننا في نهاية الأمر نستسلم للقول المشهور ” هناك شي احنا مانشوفه ” .