استلمت رسالة من بعض المعلمات الفاضلات العاملات في الصفوف التربوية التي افتتحتها مشكورة وزارة التربية والتعليم لتدريس طلبة متلازمة داون وذوي الإعاقة الذهنية ، أنشر أهم ماجاء فيها وأملي أن تلتفت الجهات المسؤولة في الوزارة إلى هؤلاء المعلمات اللاتي يحتاجون إلى كل الدعم والتشجيع حتى يأتي عطاؤهم وفق ما نأمله للفئة المستهدفة التي يخدمونها ويعلمونها . تقول الرسالة :
نحن معلمات في صفوف الدمج” متلازمة داون ، الإعاقة الذهنية البسيطة والمتوسطة” ، تخرجنا قبل سنوات من جامعة البحرين ، تخصص علم نفس تربوي وللعلم فإن هذا التخصص لا يؤهل الدارس للعمل في هذا المجال ، ولكن يؤهله للعمل في مجال صعوبات التعلم ، الموهبة ، المشكلات السلوكية ، وفي أول اجتماع لنا مع رئيسة القسم وقتها عندما قلنا أن مانعمل به ليس من مجال تخصصنا فكان الرد” حمدوا ربكم وظفناكم ماخليناكم مثل الخدمة الاجتماعية لأن مالكم مكان ” ووعدونا بدورات لم نر منها إلا دورتين أيضا لاعلاقة لهم بمجال العمل . وإلى اليوم وكل اقتراحاتنا يتم مواجهتها بالتبريرات والرفض .
نؤدي عملنا بأقل قدر من الإمكانيات ، القسم لا يساندنا إلا باستمارات كثيرة جدا ، وكتب لا قيمة لها لا من حيث المادة ولا الإخراج،وملزمة للكفايات متى ما أتقنها الطالب – رغم عدم مناسبة أكثر الكفايات لهذه الفئة – بات على المعلم ابتكار كفايات ومواد جديدة .
عندما نشكي الحال للمسئولين ونطالب بمواد تعليمية ومناهج مطورة أو على الأقل ورش عمل في صفوف دول متقدمة في المجال كأمثال الأردن و لبنان يأتي الرد أنه دوركم! أو “سيعطونكم (100) دينار بدل طبيعة عمل ، اشتغلوا حللوها ” طبعا هذه (100) دينار سمعنا عنها وما(شفناها) ! ويمكن ما نشووفها لأنها لن تشمل الاختصاصيين في الوزارة ، فلن يرتفع صوت أحد منهم للمطالبة بحقوق المعلمين فيها.
إذا كنت كمدرس سأعد الاختبارات ، الخطط العامة والفردية والتشغيلية ، والتحضير ، وسأقوم بعملية الإرشاد لأولياء الأمور والمعلمين والتلاميذ ، وسأتابع ملفات التلاميذ وأعد أنشطة لأربع مستويات على الأقل ؛ ياترى : في أي وقت سأبدع ؟ أين الوقت الخاص لتطويري لذاتي ؟ أين الوقت الخاص للمشاركة في مؤسسات المجتمع المدني؟
الكلام الذي نقوله هنا عام جدا ، وفي القلب ماهو أقسى ، تخرجنا من الجامعة محبين للعمل ، مبدعين ومميزين ، ولم يكن احتجاجنا على التوظيف في هذا المجال إلا بسبب عدم التخصص .في البداية وعدونا بالتوظيف بدرجة اختصاصي ، وأوهموا الجدد بأنها أفضل من المعلم ، ثم علمنا أن هذه الدرجة تعطى فقط لمن يحمل دبلوم عالي ، والدبلوم العالي يحتاج إلي دراسة صباحية في جامعة الخليج العربي مثلا ، وهي الدراسة التي تختار لها الوزارة من تشاء يقال وفق معايير ، ولكن حتى شرط عدد سنوات الخدمة يتم التجاوز عنه لناس دون آخرين ، وكذلك المعدل ،
لا نريد أن ندفن في هذا القسم ولا نريد للمبدعين الذين اختاروا التربية الخاصة كتخصص نادر أن تذهب سنوات عمرهم في الخدمة في قسم متحجر تقف أوراقه واستماراته الكثيرة عائقا دون العمل ، ولكنننا مازلنا نبحث عن مجيب .
لا ينتهي الأمر هنا ، بل نحن نخضع للتمهن من أجل الارتقاء من درجة لأخرى ، وهو أمر في ظاهره رحمة وباطنه ظلم وجور ، فلا يحق لي الترقي إلا إذا التحقت في الدراسة في برنامج التمهن ، وهو إعادة لمواد نظرية درسناها في الجامعة ، فبدلاً من أن أترقى لمجهودي وعملي ؛ تتم ترقيتي لقضاء مزيد من الساعات بعيدا عن أبنائي وأسرتي! ناهيك عن كونه الكادر الوحيد الذي لا يسمح فيه للموظف الترقي حسب سنوات الخدمة !
ختاماً أقصى ما نتمناه الآن أن توضع وتُنشر خطة استراتيجية لهذا القسم يطلع عليها الجميع ، لنعرف أين سنصل في نهاية المطاف ، وأن تحدد آليات التنفيذ وجهات المراقبة ، والأهم أين سيصل الطالب بعد سنوات من الدراسة في صفوف الدمج وأن تشمل الخطة المعلم ،والطالب ، وولي الأمر والمدرسة.