راصد

مكالمة أم أحمد

هي مواطنة من دولة الإمارات العربية الشقيقة ، لديها ابن بلغ (30) عاماً من عمره ، شاء القدر أن يُصاب بورم خبيث في الغدد اللمفاوية وبعض الأمراض الباطنية ، الأطباء الذين يعالجونه نصحوا بسرعة سفره إلى الخارج لتلقي العلاج . قدمت هذه المواطنة إلى وزارة الصحة تقريراً عن حالة ابنها المريض بغية نقله للعلاج في الخارج لكن المسؤولين تجاهلوا طلبها ورفضوه بحجة توافر علاجه في الدولة .

ساءت حالة الابن ، وليس من طريق أمام ابنها إلاّ السفر به للخارج ، عادت الكرّة فتقدمت إلى وزارة الصحة فلم تجد منهم غير الصدود والتنصل مما اضطر ( أم أحمد ) إلى عرض مشكلتها في برنامج إذاعي في قناة عجمان ، يحمل اسم ” الرابعة والناس ” تكلمت واستعرضت عبر الأثير محنتها مع مرض ابنها وتجاهل وزارة الصحة طلبها أو طلباتها ، كان حديثها مؤثراً ، مصحوباً بالبكاء الشديد ، تتحسّر حال ابنها وعجزها عن علاجه وإنقاذ حياته وامتناع وزارة الصحة عن مساعدتها في ذلك .

بعد هذه المكالمة الهاتفية المؤثرة تمت الاستجابة مباشرة لعلاج ابنها في الخارج لكن الأهم من ذلك هو أن تم إقالة وزير الصحة من منصبه باعتبار مسؤوليته عن هذا التقصير في حق المواطنة الكريمة .

في نظري أن الإقالة تعبر عن فهم راقٍ لطبيعة المسؤولية الإدارية التي يجب أن يتولاها المسؤول ، سواء كان وزيراً أو غيره حيث أنه الرجل الذي يُحاسب عن كل تقصير في وزارته ، صغُر أم كبُر . وأن التفويض الإداري للصلاحيات أو المهام لمن هم أقل منه لايعني التخلى عن المسؤولية . ولذلك كان القرار السريع بإقالة الوزير بعد مكالمة ( أم أحمد ) إنما هو قرار صائب وحازم يعلمنا إن المسؤولين في مواقعهم ماهم إلا قدوات لغيرهم ، لهم أعمال واضحات ينجزونها ومهام مشهودة ينفذونها ، هم ( ماكينات ) عمل وإنتاج ، ووسائل رقابة وإنجاز ، وأدوات تخطيط وإشراف . المنصب بالنسبة لهم تكليف تتضاءل دونه سائر التشريفات ، والسلطة مسؤولية يتحملونها وحدهم دون غيرهم .

   ومن الآن فصاعداً علينا أن نترقب إقالة وزير أو أكثر بعد الاستماع إلى شكاوى واستنجادات مماثلة من مواطنينا في برنامجنا الإذاعي الناجح ” صباح الخير ” وشكراً لدولة الإمارات العربية المتحدة .

سانحة :

قال تعالى : ” الذين اتَّخَذوا دينَهُم لهوًا وَلَعبًا وغرَّتْهُمُ الحَياةُ الدُّنْيا فَاليَومَ نَنساهُم كَما نَسُوا لِقَاء يَومِهِم هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنا يَجْحَدُون “

أضف تعليق