كنت قد بدأت مقالتي هذه في الكتابة عما يمكن تسميته لحظة الاقتراب من الموت التي تعرّضت لها إثر محاولة اعتداء آثمة فجر يوم الثلاثاء الماضي ، وكنت سأعرض فيها حالة الرعب أو الصدمة التي شعرت بها حينذاك وهستيريا الخوف والقلق التي انتابت زوجتي وتملّكت أبنائي ، وكنت سأتعرّض لمقدار الدموع العزيزة والغزيرة التي نزلت كما المطر من عيون والدتي ، تاج راسي ، حفظها المولى عز وجل . لكنني توقفت وتراجعت حينما استذكرت أن هنالك غيري كثيرون يتعرّضون بشكل يومي لأضعاف ما أصابني ، هم أيضاً مواطنون لا يختلفون عني في شيء ، تخيفهم أيضاً لحظة الاقتراب من الموت ، ولديهم زوجات يضعون قلوبهم على أيديهم في الصباح كما المساء خوفاً عليهم ، ولديهم أمهات تنزل غزير دموعهم لأجلهم ، وعندهم أبناء لايهنأون حتى بالنوم لأن آباءهم خارج منازلهم . هؤلاء هم رجال الشرطة الذين يكونون محال استهداف هؤلاء المغرّر بهم وعرضة لمختلف الأدوات ( السلمية ) المزعومة من مولوتوف وأسياخ حديدية وسيوف وماشابهها من أسلحة ( سلمية ) أبهرت العالم ، يحمون الوطن ويجري استهدافهم على نحو ماترون وتسمعون ، تخفّ آلامنا حينما نشعر بجهدهم وتضحيتهم ورباطهم وحجم المخاطر التي يواجهونها . فلهم كل التحية والتقدير وقبل ذلك نرفع أكفّ الضراعة للمولى عز وجل أن يحفظهم وينعم على بحريننا الغالية بالأمن والاستقرار .
أعواد الكبريت :
إذا لم يخنّ التقدير فإن من تعرّض لي هم في سن طلبة الجامعة ، أي من صغار السن الذين من المفترض أن يجدوا لهم من يحتضنهم ويرعاهم لبناء أنفسهم ويوجههم لرسم مستقبل زاهر لحياتهم ووطنهم بدلاً من الزجّ بهم في مقدّمات صفوف الاعتداءات وأتون الإرهاب ومحارق التخريب في أوطانهم فيما يجلس من يدفع أو يغررّ بهم ويحرّضهم مرفهاً منعماً في الداخل أو الخارج . يقيني أن هؤلاء الصغار الذين يتم تقديمهم ( أعواد كبريت ) أو الدفع بهم كـ ( القرابين ) إنما هم ضحايا سيسأل المولى عز وجل من يقف وراءهم يوم القيامة ” وإذا الموؤودة سئلت ، بأي ذنب قُتلت ” .
فريدة من نوعها :
ما نعرفه عن أي قوى معارضة ، هو أنها تعمل جاهدة لاستقطاب مؤيدين لها وداعمين لمطالبها ، بالطبع أعني في داخل بلدانها وليس خارج أسوارها وحدودها . فذلك أجدى لأي معارضة تسعى للنجاح وكسب سائر مكونات مجتمعها في صفّها . هذا مانعرفه في كل بلدان الدنيا إلاّ البحرين ؛ فإن مايسمى بالمعارضة عندنا تعمل جاهدة ، بكل الوسائل لاستعداء باقي المكوّنات المجتمعية الأخرى ، بكل طريقة ولاتعدم وسيلة إلا استخدمتها لزيادة النقمة عليها والابتعاد عنها . فهي تبذل كل ما في وسعها لشلّ الاقتصاد وسدّ الطرق والشوارع وتقويض الأمن والأمان وتعطيل مناحي الممارسة الحياتية اليومية ومرافقها . وبالتالي استمرار السير في هذا النهج لاينمّ عن أن هنالك مطالب دستورية ومؤسساتية سليمة ومبرأة من أية أغراض أخرى لهذه المعارضة الفريدة من نوعها .
شكراً لكم :
غمرني أعزاء وأحباب بفزعتهم لي وبمشاعرهم الفياضة وأحرجني تقديرهم لي وسأظل وفياً لهم وعاجزاً عن ردّ جميل اهتمامهم وسؤالهم عني ، هذه هي البحرين ، وهذه أخلاق أهلها وتلاحم ناسها . اللهم احفظ البحرين وقيادتها وشعبها من كل سوء .