راصد

علاوة الغلاء وعقد الفنانة

لا يمكن أن تغيب عن ذاكرتنا – ككتّاب وصحفيين – شكاوى وتظلّمات المواطنين من استثنائهم واستبعادهم من قائمة المشمولين لعلاوة الغلاء حينما تم وضع شروط ومواصفات دقيقة جداً لاستحقاقها ، بل تم تدشين موقع إلكتروني يقوم من خلاله من يرون في أنفسهم أنهم مؤهلين لنيلها بتسجيل بياناتهم ويكون الرد الإلكتروني عليهم حازما وحاسماً وقاسياً : أنت غير مستحق !
من رأى طوابير المواطنين ( رجالاً ونساء ) وقد وصلت إلى خارج بعض المراكز الاجتماعية التي تم الإعلان عنها كمراكز للتسجيل والتظلمات في منظر استقرّ في ذاكرة المجتمع بسببها أنها ( علاوة ذلّ وامتهان ) يصعب أن يجري حصول المواطن عليها إلاّ بعد أن ( تدور خرايط راسه) .
اتصلت بي آنذاك أرملة ؛ لازلت أتذكّر أن بكاءها ربما ( أذاب ) جهاز الهاتف الذي كان ينقل لي آلامها واستجدائها لولا أنه آلة صمّاء منزوعة منه الرحمة كما هي انتزعت من شروط ومعايير استحقاق تلك العلاوة بحيث أنها تجرأت على استبعاد مثل تلك الأرملة من حق الحصول عليها .
أعرف أن مئات وربما آلاف من المواطنين قد دفعتهم الحاجة لأن يخوضوا غمار التسجيل والتظلم لاستحقاق العلاوة المذكورة وأن يرتضوا – من أجل فكّ شيئاً من ضائقتهم – صنوفاً عدّة من المهانة ، تارة باتصالهم بالنواب وأخرى بالصحافة وأخرى بالبلديين وأخرى وأخرى ، كلها بدافع العوز . ولاحظوا أن الكلام عن (50) ديناراً فقط ، وفقط .
لا أدري كيف قفزت إلى ذهني هذه الذكريات وأنا أقرأ مانشرته صحافتنا المحلية نقلاً عن تقرير ديوان الرقابة المالية ومقدار الفساد والتجاوزات وأرقام المبالغ المهدورة والمنتهكة التي يسيل لها لعاب المواطنين وهم يترقبون الكثير من المفاجآت غير السّارّة في عامهم الجديد 2011م ربما تزيد السوء في معيشتهم .
أثناء قراءتي للتقرير تذكرت تلك الأرملة التي كانت تبكي وتستجدي علاوة الغلاء وتشكو إلى المولى عز وجل حالها ورفض الجهة المعنية استحقاقها هذه الـ (50) ديناراً وقارنتها بمبلغ الـ (165) ألف يورو التي أوردها التقرير عن تعاقد وزارة الثقافة والإعلام مع إحدى الفنانات لإحياء مهرجان للعيد الوطني مع تحمّل الوزارة كل تكاليف الإقامات والانتقالات الخاصة بالفنانة ومساعديها ، ليس في البحرين فقط وإنما في عدد من البلدان ، لذات نفس الفترة . وكان كلّ ذلك التعاقد بهذا المبلغ الخيالي والتكاليف المصاحبة قبل يوم واحد فقط من موعد المهرجان . أي لم تحتاج الوزارة في تمريرها لهذه الأموال إلى مناقصات ولم تخضع لنظام إلكتروني أو شروط ومعايير استحقاق صارمة كالتي مرّت عليها تلك الأرملة ومئات أو آلاف مثلها ( علَشَان ) فقط خمسين ديناراً لولا أن البعض صار عنده خلخال راقصة أغلى وأهم من رفع عوز وفكّ كرب مواطنين يئنّون تحت ضغط الحاجة وعجز ذات اليد ولا يجدون من جواب سوى عجز الميزانيات ونقص الإيرادات وماشابهها من إجابات يصعب صمودها أو إقناعنا بوجاهتها كلّما قرأنا تقرير ديوان الرقابة المالية ، ليس في هذا العام وإنما في كل عام ..

3 آراء على “علاوة الغلاء وعقد الفنانة

  1. ألف مبروك على المدونة يا بوفيصل
    خطوة موفقة وإن شاء الله نترقب كتاب يضم مقالاتك الرائعة

    إعجاب

  2. مبروك تدشين مدونتك ، اعانك الله على الصدع بالحق.
    وهمسة في اذن وزيرة الاعلام سابقا ، الثقافة حاليا: ابشر بطول سلامة يا ——-
    طالما ان سياسة دولتنا الرشيدة هو نشر التجاوزات للتنفيس فقط لا غير !!!!

    إعجاب

  3. صدقت
    الغواني الاجانب عند بعض الناس أهم من كل اهل البحرين الاصيلين الشرفاء المعوزين

    إعجاب

أضف تعليق