نافذة الجمعة

السودان والثور الأبيض

ما الذي يمنع السودان من أن ينقسم إلى جزئين ويتحول إلى دولتين ، شمالية وجنوبية فيكون حلقة أخرى من حلقات السقوط والانقسام والتفتت إلى دويلات تنخر من جسد العروبة والإسلام  طالما أن الأنظمة العربية عاجزة – رغم ما يملكون من إمكانات وقدرات – عن حماية أراضيها والذود عن أعماقها وامتداداتها ؟!

ما الذي يمنع انفصال جنوب السودان عن شماله طالما أننا لم نحرّك أي ساكن لإنقاذ السودان طوال السنوات الماضية مما يُحاك له ويُدبّر على مرأى العالم ومسمعه ، بل لم نذهب إلى السودان لنستفيد ونستثمر فيه ، ويمّمنا أموالنا ووضعناها في مختلف أصقاع الدنيا رغم أن السودان هو سلّة غذاء العالم ، ولاتوجد ثروة حيوانية ونباتية تضاهيه في أي دولة في العالم لولا أننا مغرمين بـ ( الدوس ) والتخلّي عن الذات ؟!

لانستغرب إن انقسمت السودان فنحن بأنفسنا وليس عدونا – يا للمفارقة – نحاصر غزة ونضيق الخناق عليها ونساهم في ذبحهم جوعاً ومرضاً ، وفقراً وعوزاً ، ونتركهم في ظلام دامس بلا كهرباء وبلا وقود دون أن تتحرّك فيناً شيئاً من أخوة إسلام أو نخوة كنّا معروفين بها في سالف الزمان ؟!

ولا نستغرب إن انهارت الأراضي السودانية وصار النيل فيها نيلين ، فنحن الذين اعترفنا بدولة اليهود واغتصابها لفلسطين واحتلالها لمقدّساتنا وارتضينا ذلك ولم يعد يهمّنا من أمرها الآن سوى موافقة الكيان الصهيوني على أن يجلس معنا على طاولة المفاوضات لنتحاور معه على بضع كيلومترات في الضفة الغربية بينما فلسطين كلها أصبحت ماضياً عربياً وإسلاميا لايستحق حتى الحديث عنه . ولا يجب أن نحزن على السودان أو نذرف غزير دموعنا على شماله أو جنوبه مادمنا قد فرّطنا في العراق وسـلّمنا بغــداد الرشـيد بمحض إرادتنا للاحتــلال والدمار ، وسالت على مـرأى ومسـمع منّا دماء إخواننـا وأبناءنا في دجلة والفـرات كيوم هاجمها المغول ؟!

السودان لا تختلف عن الصومال ولا يمكن فصل ما يحدث فيها عما يجري في لبنان أو اليمن ، وربما ما قد يجري في مصر وسوريا وغيرها من بلداننا العربية والإسلامية مادام مسلسل الثور الأبيض لا يزال مستمرا في عروضه وتتكاثر حلقاته وإن كانت بسيناريوهات مختلفة إلاّ أنها متشابهة في أسبابها ونتائجها .

” الثور الأبيض” قصة مشهورة ورائعة مروية في قصص الحيوانات وحكاياتهم ، وأصبحت مثلاً مشهوراً نمضي في ضربه إزاء حالات الضعف والفرقة والتناحر ، خاصة عندما تتضخّم عقدة ( الأنا ) وتتحجّم المصالح ويضيق الأفق .

تقول القصة : إن ثيرانا ثلاثـة كانت في أَجَمَةٍ ، ( أَجَمَة : مكان فيه شـجر صغير وكثيف وملتف ) وكان واحدا منها أبيض، والآخر أسود ، والثالث أحمر، وكان في هذه الأجمة أسد، فكان الثيران الثلاثة لاجتماعهم لا يقدر عليهم أحد ، فأخذ الأسد يفكّر كيف يتغلّب على هذه الوحدة.  وذات يوم قال الأسد للثورين الأحمر والأسود : إن وجود الثور الأبيض بيننا خطر علينا ، لأنه يدلّ علينا ببياضه ، أما أنا وأنتما ، فألواننا متماثلة ، فلو تركتماني آكله ، صفت لنا الأجمة.  فقالا:  دونك فكُله ، فأكله.

ومضت أيام وجاء الأسد إلى الثور الأحمر وقال له : إن لوني مثل لونك ، فدعني آكل الثور الأسود ، لتصفوا لنا الأجمة . فقال الثور الأحمر: دونك فكُله، فأكله.
ولم يبق في الأَجَمَة إلا الأسد والثور الأحمر، ورأى الأسد أنه قد تمكّن من هذا الثور بعد فقده أخويه ، فقال له : أيها الثور، سآكلك لا محالة ، فقال له الثور: دعني أنادي ثلاثاً.  فقال الأسد: افعل . فنادى الثور بأعلى صوته : ( ألا إني أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض) .

رأي واحد على “السودان والثور الأبيض

  1. مازال الغرب يحيك الدسائس ويدبر المؤامرات للأمة ويسعى بكل ما يملك من قوة لتقسيمها الى كانونات و دويلات صغيرة امعاناً في فرض الهيمنة عليها دون ان يجد كل هذا السعي الحثيث من انظمة الدول العربية والاسلامية اي ردة فعل في مواجهة هذا المشروع المدمر ، ولكن كل مايجري تتحمل مسؤوليته الأنظمة التي سلمت وخنعت الى هذا المشروع ويقول الشاعر من ارتضى لنفسه أن يكون نعالاً لاييضيره اي رجل تنتعله

    إعجاب

أضف تعليق