هو عنوان كتاب يكشف خبايا وخفايا عائلة ليلى بن علي زوجة الرئيس التونسي المخلوع ، قام بتأليفه صحفيان فرنسيان هما نيكولا بو وكاثرين غراسييه، صدر في شهر أكتوبر 2009م ، ويتكوّن من (177) صفحة هي عبارة عن حصيلة تحقيق مكثف يشمل معلومات مهمة عن نشاط ليلى الطرابلسي وأفراد عائلتها، وتغوّلها في المجتمع التونسي.
حاولت ( الحلاّقة ) – وهو الاسم الذي كان يرددّه التونسيون سرّاً وتهكماً عليها – منْع نشر الكتاب ووصفته بأنه يحتوي على مغالطات كبيرة ، فأقامت دعوى في المحكمة الفرنسية بباريس لكنها خسرتها ، وتم الحكم أيضاً بتغريمها (1500) يورو لصالح دار النشر ( لاداكوفرت ) على تأخير إصداره .
والحلاّقة ؛ هي المهنة التي أدخلتها إلى عالم الأعمال حيث ينشر الكتاب تفاصيل خفية في حياة سيدة تونس الأولى ويصف نشأتها في وسط عائلة متواضعة في مستواها المعيشي أدّت إلى أن تمتهن حرفة لاتُصنّف ضمن المهن الواعدة لكنها من خلال هذه المهنة تعرّفت على جهات نافذة أدخلتها إلى عالم السياسة لتصبح إلى ماقبل يوم من سقوط بن علي الوجه الآخر لحاكم الجمهورية ، كلاهما يسيّر البلاد .
ليلى الطرابلسي المولودة في العشرين من شهر يوليو 1957م تزوجت في سن الثامنة عشرة رجل الاعمال خليل مواعوي ، لكن هذا الزواج لم يدم سوى ثلاث سنين فقط وتطلقا بعدها . وكانت بفضل علاقاتها بزوجها دخلت عالم الأعمال والتجارة وبدأت تستورد سلعا من ايطاليا. بعد ذلك اتصلت بجهات حاكمة وبدأت تعمل سكرتيرة في إحدى الشركات الحكومية في تونس . وقد عرفت عن طريق العلاقات التي كوّنتها في وسَطها الجديد زين العابدين بن علي الذي كان آنذاك مسؤولا كبيراً في نظام حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة. طلّق بن علي زوجته الأولى نعيمة، وتزوج ليلى الطرابلسي في عام 1992. وولد للزوجين ثلاثة أولاد: نسرين وحليمة ومحمد.
سيّدة قرطاج ؛ صارت في مصاف حاملي الشهادات العليا ، في محاولة منها للتهرّب من وظيفتها الأولى ، فحصلت على البكالوريوس عام 2000م ثم تبعتها بالماجستير في القانون من جامعة تولوز الفرنسية ، وكلّها بالمراسلة ، مما يزيد الشكوك في مصداقيتها ومستواها العلمي والثقافي على الرغم من التغطية الإعلامية الكبيرة التي تحظى بها وتصاحبها في مختلف أنشطتها بالإضافة إلى توليها مهمة الناطق باسم الرئيس وحضورها أغلب المؤتمرات الرسمية ، بل وتُلقي الخطابات الرئاسية باسم زوجها حين يتعذّر عليه الحضور .
أما ” الطرابلسيون ” فهي تسمية أطلقها التونسيون على أفراد عائلة زوجة الرئيس المخلوع ، وذلك بعدما تغوّل هؤلاء في مناصب رئيسية في السياسة والقطاع الخاص . وأبرز أفراد العائلة هو بلحسن الطرابلسي ، الذي كان يكافح في الثمانينات من أجل الحصول على البكالوريوس كبقية الشباب التونسي ثم انتقل إلى الجزائر لمواصلة تعليمه الجامعي لكنه بفضل دعم شقيقته أصبح أشهر رجل أعمال في تونس ، فهو يملك شركة طيران، وشبكة فنادق، ومحطة راديو، ومصنعاً لإنتاج قطع السيارات، وامتياز استيراد سيارات فورد وشركة عقارات ، وشارك مع إخوانه وأبنائهم في الكثير من الأنشطة المشبوهة كالمخدرات والخمور وإغراق السوق التونسية بالسلع الرديئة والمغشوشة ، وكانوا لا يتورعون عن الاستيلاء على الشركات الناجحة ونهب وسرقة المال العام وكذلك الخاص حتى أن معاذ وعماد الطرابلسي أعجبهما ذات مرّة يخت في أحد الموانيء التونسية فسرقاه وصبغاه من جديد قبل أن يكتشفا أن اليخت المسروق لرجل الأعمال الفرنسي برونو روجيه الذي استرجعه من خلال القضاء الفرنسي عام 2008م .
وأما في حياة الترف والبذخ فيكفي عن ” الطرابلسيين ” ما نقله السفير الأمريكي من دهشته لحفل عشاء فاخر أقامه ساهر المطري ، زوج نسرين ، ابنة ليلى وزين العابدين ، و روى السفير أن المطري أجهَدَ نفسه في الإتيان ببوظة من سان تروبيز مباشرة بالطائرة.
وعلى العموم فإن” الطرابلسيين ” سيطروا على شرايين الاقتصاد التونسي بحيث أن هنالك من التونسيين من يتعاطفون مع بن علي ويقولون عنه أنه فتى لطيف جُرّ وراء شَرَه ِ زوجته وعائلتها. ولذلك كان من أكثر الصيحات شيوعاً لدى المتظاهرين والمحتجين في الأحداث التي سبقت الإطاحة بالرئيس التونسي : “لا، لا للطرابلسيين الذين نهبوا خزانة الدولة “
كتاب ” الوصيّة على قرطاج ” نشر وسلّط الضوء على الفساد في تونس لكنه – أيضاً – فضح صمت وسائل الإعلام الغربية تجاهه ، وعلى الأخص منها الصمت الفرنسي حيث قالت مؤلفة الكتاب كاثرين غراسييه عن السبب في تغاضي الغرب عن هذه الانتهاكات والتجاوزات : ” هناك أسباب عديدة تشرح هذا الصمت، منها أسباب شخصية من قبيل أن شخصيات فرنسية تقضي عطلتها في تونس. أما الأسباب السياسية، فيأتي على رأسها الرضا الغربي بعد نجاح نظام بن علي في تجفيف منابع الحركات الإسلامية ، التي لم تعد بعد سنوات من حكمه تشكل خطراً على نظامه وحكمه “.