راصد

خلّوها مفاجأة

قلنا ، وسنظل نقول : لا داعي لهذه التصريحات شبه المتواصلة ، والتي لا تكاد تهدأ عن مشروعات إسكانية يطالعنا بها المسؤولون على صفحات الجرائد ، ومختلف وسائل الإعلام ، يضمنونها أرقاماً عن وحدات ومبالغ مالية عن تكلفة إنشائها وتشييدها ، بعضها مرفق بها وعود عن جاهزيتها في غضون سنتين أو ثلاث سنوات أو أربع ، رغم  أن واقع الحال والتجربة والخبرة يجعل مسألة تنفيذها كلها في علم الغيب وأن ما يُقرأ شيء وما يُنجز على أرض الواقع شيء آخر ، بينما الحاجات تتضاعف وقوائم الانتظار تتضخم ، بعضهم يقول هي في حدود الـ (40) ألف وآخرون يقولون بتجاوزها ( بحر) الـ (50) ألف ! وبالطبع هذه الأرقام لا تشمل المحرومين من الخدمات الإسكانية ممن يسمونهم الطبقة الوسطى ، والذين هم ربما مشكلتهم الإسكانية أصعب من طبقة محدودي الدخل الذين مهما طالت سنوات انتظارهم إلاّ أن لديهم خيط أمل ، في حين أن الطبقة الوسطى لا يوجد عندهم حتى هذا الخيط فضلاً عن أن مداخيلهم لايمكنها أن تشتري أرضاً أو تبني بيتاً !!

يصيبني في كثير من الأحيان فضول ( صحفي ) كلما قرأت خبراً أو تصريحاً صحفياً عن إقامة مشروعات إسكانية هنا أو هناك خاصة وأني أعرف أن آلاف المواطنين ( يسيل اللعاب منهم ) عند قراءتها ولسان حالهم يقول : متى تتحقق ؟! وقد طُويت سني أعمارهم وهم ينتـظرون رحمة المولى عز وجل بأن يحصلوا على سكن يضم على الأقل أبنـاءهم وربما أحفادهم بعدما مضى – أو كاد-  قطار أعمـارهم بينما هم يتابعون من يدغدغ مشاعرهم وأحلامهم في الصحف ووسائل الإعلام ببناء وحدات ومشروعات سكنية نخشى أن نقول أنها بدون خطط  تنفيذية ولاميزانيات وأنها قد تبقى حبيسة الأحبار التي كُتبت بها .

 ( فضولي ) الصحفي يدفعني عند قراءة هذه النوعية من الأخبار والتصريحات لزيارة صاحبنا ( غوغل ) على الشبكة العنكبوتية ، فأضع في خانة البحث عبارة ( المشروعات الإسكانية ) فيكشف لي عن كم هائل من هذه التصريحات ، مثل : تصريح منشور بتاريخ 24 نوفمبر 2006م حَمِل عنوان ” الإعلان عن انتهاء مشكلة الإسكان في البحرين خلال السنوات الخمس المقبلة ” وتقرأ في داخله : ” أن هناك عددا من المشاريع الإسكانية التي ستستوعب عددا كبيرا من المواطنين مثل مشروع المدينة الشمالية والتي تضم (15) ألف وحدة سكنية تقام على مساحة (740) هكتاراً وتسع (75) ألف نسمة موضحا أنه تجرى حاليا عمليات الدفان للمشروع بعد رصد الميزانية في عام 2005 – 2006 على أن يبدأ العمل في إنشاء الوحدات السكنية اعتبارا من مارس 2007 بمعدل (1500) وحدة سكنية سنويا ” وتقرأ فيه أيضاً ” مشروعات سكنية أخرى مثل مشروع شرق الحد وغرب الحد والذي يضم (5600) وحدة سكنية تقام على مساحة (231) هكتاراً وتسع (28) ألف نسمة ” وتقرأ فيه أيضاً ” مشروع المدينة الجنوبية والذي يأتي في إطار المخططات العامة المستقبلية ” وتقرأ فيه ” بالإضافة إلى مشاريع امتدادات القرى والتي تشمل إقامة مشاريع إسكانية في عشرة مواقع وتوفر (1839) وحدة سكنية و (1747) قسيمة سكنية بتكلفة إجمالية تبلغ (151) مليون دينار”.

ووجدت تصريحاً آخر، بعد عام واحد من التصريح السابق ، بالضبط بتاريخ 14 نوفمبر 2007م يتحدث عن الخطة الحكومية للإسكان مفاده – حتى لا أطيل على القاريء – أن برنامجها الإسكاني للفترة 2007 إلى 2010 إنشاء ما يقارب من (15) ألف وحدة سكنية بما فيها وحدات المدينة الشمالية .

وبالطبع لا أحتاج أن أبين الآن في عام 2011م أن المشكلة الإسكانية لم تنته حسب التصريح المنشور في 24 نوفمبر 2006م ويبشر آنذاك بانتهائها في الخمس السنوات المقبلة . كما لا أحتاج أن أبين أن البرنامج الحكومي للإسكان لم ينجز الـ (15) ألف وحدة سكنية بحسب ماتم الإعلان عنه آنذاك في 14 نوفمبر 2007م .

أتمنى في الواقع أن تتغير خريطة الاهتمامات بشأن المشـروعات الخدمية والإسكانية والمرفقية وماشابهها وينقلب هرمها ، بحيث أن تنفيذها وإنشاؤها وتحقيقهـا على أرض الواقـع مقدّمـاً وسابقاً عن مرحلة التصريح عنها ، فتكون للناس عند جاهزيتها والانتهاء منها مثلمـا نقـول ” خلّوها مفاجأة ”  وحينذاك ؛ فليُكتب عنها ماشاء من تصريحات وبيانات وأخبار مادامت قد أصبحت واقعاً يمكن لمسه والشعور به والإحساس بوجوده في مناطق الناس ومعاشهم . وفرحة المواطنين وسعادتهم بها حينئذ أكبر .. فاتركوا هذه التصريحات وفكّونا منها ، وخلّوها مفاجأة .

أضف تعليق