عتب علينا بعض من قرائي الأعزاء أنني لم أعقب على الرد الذي نشرته وزارة الصناعة والتجارة بتاريخ 26 يناير 2011م على مقالي المعنون ” توجيه الدعم والرسم الموحد للسجل التجاري ” وتساءلت فيه عن قيمة المبالغ المالية الضخمة التي أسقطها القرار رقم (43) لسنة 2005 وجدوى التنازل عن تحصيلها آنذاك كمورد هام في ميزانية الدولة ، كان يجري استحقاقه من الشركات والمؤسسات الكبرى التي نأتي اليوم ( بعد حوالي خمس سنوات ) لنتباكى ونقول أنها كانت تستحوذ على غالب ما تخصصه الدولة من ميزانية لدعم السلع والمحروقات والخدمات .
حيث استغرب هؤلاء القراء الأعزاء من حجم التعالي وكثرة وصفي بعدم الوعي ونقص العلم والإلمام وتواضع المعلومات الاقتصادية والاستثمارية وما شابهها من ألفاظ عادة ما تنفرد بمثلها وزارة الصناعة والتجارة في ردودها على الكتّاب والصحفيين خاصة وأنها لم ترسل لي الرد مباشرة حسبما جرت به العادة .
وأعترف ابتداء أنني لست من رجال المال أو الأعمال أو الاقتصاديين رغم أن هذا المصطلح صار مشاع الاستخدام ، ويمكن أن يتلبّسه في هذه الأيام أي شخص يملك ملاءة مالية أو يدير مجرّد متجراً لبيع أي سلعة ، كبرت أم صغرت . وارجعوا لفترة الانتخابات الماضية لتتأكدوا من صحة كلامي حينما ظهر على الناس حينذاك عدد من المترشحين حملوا لافتة أنهم رجال اقتصاد وقدّموا أنفسهم للناخبين على هذا الأساس، بينما لايربطهم بالمسمى من حيث المؤهل والكفاءة ما يستحقون حملهم لهذا اللقب .
وابتداء وانتهاء أيضاً لا أريد التعقيب على رد الوزارة الموقرة حتى لايأتيني منهم ما هو أسوأ لكن في الحقيقة استوقفتني نقطتان في التعقيب المذكور ، لم أستطع تجاوزهما كما الباقي . و رأيت أن أشارك فيهما القراء الكرام ، وبالذات الذين عاتبوني . وهما :
أولاً : ورد في الرد العبارة التالية : ” أن توحيد رسم السجل التجاري عن كل طلب قيد، أو تجديد قيد في السجل التجاري، هو جزء من مشروع إعادة هيكلة الإجراءات التجارية الواردة في برنامج عمل الحكومة الموقرة 2030 ” والمعروف أن برنامج عمل الحكومة أو الرؤية الاقتصادية 2030 قد تم تدشينها في 23 أكتوبر 2008م بينما قرار توحيد رسم السجل التجاري قد صدر في 31 ديسمبر 2005م ، أي أن القرار سبق التدشين بحوالي ثلاث سنوات ، وبالتالي يصعب التصديق بانتماء توحيد الرسوم للرؤية قبل الإعلان عن تدشينها بهذا العدد من السنين لولا أنه من الملاحظ أن كثرة من الإجراءات والسياسات يجري الاستناد فيها حالياً على الرؤية الاقتصادية بغض النظر عن مقدار أو صدق علاقتها بها من عدمها حتى لو كانت سابقة عنها ! وقد أصبحت رؤية 2030م بمثابة الشمّاعة لكل شيء . وإلاّ فإنه ليس لدي تفسيراً لأن تنسب وزارة الصناعة والتجارة الآن قرارها الصادر في عام 2005م بتوحيد رسـوم السجل التجاري للرؤية الاقتصادية الصادرة في عام 2008م !!
ثانياً : جاء في الرد أيضاً العبارة التالية : ” ولعلم الكاتب فإن النظرية الاقتصادية تقول إنه كلما خفضت الرسوم ارتفع الاقتصاد وانتعشت الحركة التجارية ، وهذا معروف في الاقتصاديات الكبرى. وكان تخفيض الضرائب في الولايات المتحدة ذا فائدة كبرى في تنشيط الاقتصاد ، مما حدا بالرئيس أوباما إلى إعادة ما قام به الرئيس بوش، وهذه معلومة قد لا يعرفها الكاتب الذي يبدو أن إلمامه بحقائق وأساسيات الاقتصاد متواضع ” وأرجو أن تعذرني الوزارة الموقرة على تواضع معلوماتي في الاقتصاد لكن مادام أن النظرية الاقتصادية تقول إنه كلما خفضت الرسوم ارتفع الاقتصاد وانتعشت الحركة التجارية ؛ فلماذا لا نُخفّض بقية الرسوم التي يتم استحصالها على المواطنين وعلى أصحاب الأعمال حتى ينتعش الاقتصاد عندنا ونكون حسبما هو معمول به في الاقتصاديات الكبرى ؟! أم أن الجهات المعنية والمسؤولة عن زيادة الرسوم تعاني من تواضع معلوماتها الاقتصادية مثلي ؟!
مقال جدا رائع
صفعة في وجه وزارة التجارة و الصناعة
إعجابإعجاب