ربما لاعتبارات ذاتية تتعلق بطبع غالب في شخص كاتب هذا العمود ، يجنح إلى الهدوء ، وربما لاعتبارات أخلاقية ومهنية أخرى تتعلق بعدم التعرّض للأشخاص أو التشهير بهم والتلفيق عليهم وتصفية حسابات معهم كما يفعل آخرون ، وأيضاً لاعتبارات تخصّ نهج ومدرسة أخبار الخليج التي ترعرعت وقضيت فترة تدريبي الإعلامي فيها إبّان دراستي الجامعية قبل أن يأخذ عمودي مكانه بين صفحاتها وزواياها ؛ فإن أكثر مقالاتي لا تتوجه نحو الأفراد ولا تلجأ للشخصنة وأحرص على أن أتناول الظاهرة أو الخطأ أو القصور في عمومه وطلب تداركه ومعالجته من دون المساس بأحد . وهذا ما أحاول – قدْر الإمكان – الالتزام به حتى أن البعض صار ينتقد طرحي وانتقاداتي ويصفها بعدم الإثارة ويصنّفها آخرون ضمن الكتابات الناعمة .
على أنه بالرغم من كل ذلك ، ومُضي أكثر من تسع سنوات على عمودي المتواضع الملتزم بهذا النهج ؛ فإني اكتشفت أن البعض صار يتحسّس مما أكتبه أكثر فأكثر وصرت محل انتقاداتهم وربما تهديداتهم المبطنة – وأحياناً غير المبطنة – كلّما وردت في مقالاتي كلمات بعينها وجدت نفسي مع مرور الزمن واستمرار هذه الحساسية أتجنّب ذكرها أو الاقتراب منها في كتاباتي حفظاً لمشاعر هؤلاء بحيث صارت عندي ، ومن تلقاء نفسي خطوط حمراء من استخدام كلمات تجمّعت لدي ، أذكر منها على سبيل المثال : الفشل ، السفاهة ، الدعارة ، الكذب ، الغباء ، الحماقة ، ( الشو ) ، معاصي العجائز ، السكارى ، الفراغ ، انعدام الكفاءة . هي ومشتقاتها ومرادفاتها .
في بعض الأحيان يتغيّر سلام البعض علي بسببها ، ومرّات أتلقى اتصالات تهجّم وسبّ من بعضهم وأحيانا تأتيني من جنسيات غير بحرينية بسبب ورود بعض هذه الكلمات في مقال لي حتى لو جاءت عرِضاً أو في سياق موضوع عادي جداً أو رواية قصة أو ذكر حادث أو نقل حكم محكمة أو ما شابه ذلك . وأعتقد جازماً أن هذه الكلمات ليست ملكاً لأحد ، ولا ينبغي التحسّس منها طالما لم تُشر صراحة أو حتى ضمناً لأحد ، وبالتالي قررت أن ألغي هذه الخطوط الحمراء لأنه لا معنى لها ، ولأنها باتت تشكّل حملاً وعبئاً إضافياً لقيود أخرى تصنع معها صعوبة متزايدة في الكتابة والتعبير . وبالتالي أرى أنه من الأفضل أن يتعالج الحسّاسون منها من فرط آثارها عليهم بدلاً من أتعامل معها في مقالاتي كنوع من الممنوعات التي أتجنب التطرق إليها . وسامحونا .