راصد

نختلف أو نتفق في مطالبنا .. لكن

كل التقدير والإجلال للكلمة العفوية المؤثرة التي ألقاها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين مساء يوم الجمعة عبر تلفزيون البحرين ، وفرضت على الجميع احترامها ، لأنها لم تكن عادية في مكانها وزمانها ، وكانت تنمّ عن مسؤولية وروح وطنية بحرينية فياضة مليئة بالصدق والحرص والحكمة ، وكذلك الحنكة التي يتمتع بها سموّه في إدارة ملفات حيوية غاية الأهمية في مملكتنا العزيزة تجعلنا نتفاءل ونثق بأن الحوار الوطني الذي سيديره سمو ولي العهد سيُكتب له النجاح والخروج من هذه الأزمة الطارئة ونجعلها خلف ظهورنا ونستمر في بناء بحرين المستقبل ، وبحرين الوحدة الوطنية .

في البحرين ، كما سائر المجتمعات والكيانات ، من الممكن القبول بالتضاد ، وكذلك قبول الاختلاف لدرجة لا يمكن معها الاتفاق، لأن الاتفاق والتشابه التام ليس بالضرورة أن يكون هو المطلوب ، بل من الطبيعي ، ومن سنن الكون أن تختلف الصور وألاّ تتشابه ، كما العقول والأفكار والرؤى ، فذلك هو الوضع المثالي خاصة حينما تسود الحريات وتترسخ الشفافية . والمجتمعات الحية هي التي تقوم على التعدّد وتسمح قوانينها بالتنّوع ، فذلك أدعى لتطورها وازدهارها ، كما أن الأفكار الصادقة والرؤى المخلصة لن تتمحّص إلّا في أجواء هذا التعدد والاختلاف والتنوع.

ومن الممكن – في سـبيل ذلك ، وتبعاً له – أيضاً تسـيير المظاهرات والاعتصامات ؛ فذلك شأن حضاري وممارسة حقوقية تضمنها الدساتير والقوانين بشأن مطالب محددة ، يرتفع سقفها عند البعض وينخفض عند آخرين أو عرض وجهات نظر مخالفة أو استخدامها كإحدى وسائل الضغط المستخدمة لإثبات حق أو رفع ظلم أو ما شابهه من مخرجات طبيعية ومفترضة لأسباب الاختلاف والتنوع الذي يجب ألا يصل – بأي حال من الأحوال –  إلى خلخلة الأمن، والمغامرة بالاستقرار أو ترويع الناس أو المقامرة في زيادة الفرز الطائفي بينهم في وطن يُفترض أنه يجمعهم .

فالأمن والاستقرار من الحاجات الإنسانية الأساسية التي قد تفوق أهميتها – بالنسبة للبشر – الطعام والشراب والمأوى . وعند المساس به يفترض أن تتراجع كل الأصوات الباحثة عن الإصلاح ، وتتجه أولاً لصيانة الاستقرار ونشر الأمن وبسط الأمان ، فالتفريط فيه خطيئة كبرى ترتكب في حق الوطن والأمة والمواطنين والمتعاطفين مع الإصلاح أو المدافعين عنه ، وسواء فرط فيه القادة أو العلماء أو الرموز أو الناشطين الذين جميعهم سيظل دورهم الوطني ناقصاً ومشلولاً طالما اعتبروا مسألة الأمن والأمان مهمة غيرهم أو ليست من اختصاصهم أو ليست في وارد اهتماماتهم وأولوياتهم ونصائحهم وتوجيهاتهم لاسيما إذا تم التخلّي عن وسائل وأدوات يمكن البناء والتطوير من خلالها .

نختلف أو نتفق في مطالبنا ، نرفعها أو نخفضها ، نزيدها أو ننقصها ، كلّها أشياء مشروعة وقابلة للبحث والحوار ، وللأخذ والعطاء داخل أطرها الدستورية والقانونية وداخل الدواوين المفتوحة للقيادة والنظام وسائر أطراف مجتمعنا العزيز ، بشقيه السني والشيعي ، لكننا في الواقع لسنا كتونس أو مصر حتى نجد للبعض مبرّر الدعوة لمحاكاة ما حصل فيهما عندنا في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية مختلفة عنهم تماماً ،  وذلك مهما اشتكينا من قصور هنا أو نقص هناك نعتقد أننا قادرون بعزائم وهمم وطموحات المواطنين على سدّها وتجاوزها .

 نسأل المولى عز وجل أن يسدّد الخطى ويوفق المخلصين ويجمعهم ، وأن يكلّل مسعى سمو ولي العهد ومبادرته الصادقة بالنجاح والتوفيق ، وأن يحفظ البحرين ويديم عليها نعمة الأمن والاستقرار .

أضف تعليق