قلنا وسنظل نقول ، خاصة للوزراء المسؤولين عن النواحي الخدماتية : استعينوا على إنجاز مشروعاتكم بالكتمان واجعلوا مسألة الانتهاء منها مفاجأة سارّة للمواطنين ، تقرّ بها عيونهم ، ويلمسونها في واقعهم بدلاً من مجرّد قراءتها على شكل تصريحات وبيانات في الصحف والمجلات تدغدغ المشاعر وترفع من أمنيات المواطنين ، ثم لا تكون إلاّ بقيمة الأحبار التي كُتبت بها فقط !
في الحقيقة ، لو قُدّر لأحد الباحثين أو المهتمين أن يجمع أو يستقصي من أرشيف صحفنا المحلية أو من محرّك البحث ( جوجل ) التصريحات التي صدرت – مثلاً – بشأن بناء مشروعات إسكانية على مدار السنوات القليلة الماضية فسيلقى كمّاً كبيراً من هذه التصريحات التي لو كُتب لها أن تكون حقيقية أو تأخذ طريقها للتنفيذ في حياة الناس ومعاشهم لانتهت مشكلة الإسكان عندنا أو لنتج عنها مدن وضواحي أو لتناقصت وتضاءلت أعداد الذين مضت سني أعمارهم وهم على قوائم الانتظار .
كان هذا حالنا في السنوات الماضية بالضبط مع المشروعات الإسكانية ، تناوب على التصريح والتبشير بها عدد من الوزراء – مع تقديرنا لهم – كان المُنجز منها أقل بكثير من تلك الوعود ، ولا تتناسب مع الأرقام التي تم إطلاقها في تلك التصريحات والبيانات الإعلامية بحيث أصبح تكرار صدورها بين حين وآخر مدعاة للاستغراب ، وربما للضحك ، وبات المواطنون لايعيرونها أدنى اهتمام لأنها مع كثرتها وتراكمها صارت شبه فاقدة للمصداقية .. للأسف الشديد .
وكنّا نتمنى على الوزير الجديد للإسكان الدكتور مجيد العلوي ألاّ يسير على نهج السابقين ، فيؤثر العمل بصمت ، ودون ضجيج إعلامي ألفه الناس واعتادوا أن يقولوا عنه ، كلّما قرأوه : هذه مجرّد تصريحات استهلاكية ( مأكول خيرها ) . كان هذا هو العشم في الوزير الجديد . غير أنه لم يمض إلاّ حوالي أسبوع واحد على تعيينه وزيراً للإسكان حتى أعلن في وسائل الإعلام عن العزم على بناء (50) ألف وحدة سكنية خلال ثلاث سنوات !! وكأن الأمر يتعلّق – لا سمح الله – باستمرارية نهج سابق من التصريحات والوعود الإسكانية ( الصحفية والإعلامية ) التي ملّ الناس منها وسئموا انتظار تحقيقها وتنفيذها ولازالت على قوائم الانتظار أسماء عشرات الآلاف من المواطنين الذين تطوى سني أعمارهم ويقاربون الشـيخوخة وهم ينتـظرون رحمة المولى عز وجل بأن يحصلوا على سكن يضم على الأقل أبنـاءهم وأحفادهم بعدما مضى – أو كاد- قطار أعمـارهم ولم يحققوا أحلامهم ولم تسعهم هذه التصريحات لأنها كما تعلمون لم ترق إلى مستوى تنفيذها .
والغريب أن سعادة الوزير صرّح لوكالة ” زوايا داو جونز الإخبارية ” أن هذه الـ (50) ألف وحدة سكنية سيتم بناؤها في ثلاث سنوات ، ثم في اليوم التالي مباشرة ، ومن خلال مؤتمر صحفي لوسائل الإعلام المحلية تغيرت الثلاث سنوات إلى خمس سنوات ! وذلك بما قد يوحي بعدم الجديّة وأنه لا فرق بين الثلاث أو الخمس سنوات مادام أن هذه الوحدات الإسكانية ، سواء في ثلاث أو خمس سنوات ، ؛ ستبقى مجرّد تصريحات صحفية اعتدنا على ألاّ يترتب عليها أدنى التزام ، حالها في ذلك حال غيرها من مشروعات هنا وهناك مفتوحة الآماد والآجال . ارحمونا .. الله يرحم والديكم ..