في سابق الزمان كانت أجوائنا تطرب على صوت هديل الحمام ، وتغرّد فيها البلابل والعصافير لكن بعدما جرت في النهر مياه وتعكّر الصفاء وتبدّلت الأحوال ؛ ازدادت في سمائنا الغربان وصرنا نصحو كل يوم على أصوات مفزعة و”مقرفة” وهي أصوات نعيق الغربان التي هي – للأسف الشديد – في ازدياد مطرد ! وكانت الأصوات قد ارتفعت في السنوات القليلة الماضية بضرورة ملاحقتها والقضاء عليها وعدم السماح باستقبالها لولا أن دولنا العربية والإسلامية صارت مرتعاً خصباً لها .
الغراب الذي أعنيه هنا ليس ذاك الغراب ، الأسود اللون ، آكل اللحوم والجيف ، الذي يقتات على الدماء والأشلاء ؛ وإنما هو ما اعتدنا إطلاقه على زيارات مكوكية يقوم بها شخصيات أمريكية وغربية في بلداننا عند الأزمات وتصاعد الأحداث ، يأتوننا كحمائم للسلام ودعاة إصلاح بينما لا يتم النظر إليهم في موروثنا السياسي والمأساوي إلا على أنهم غربان سود ، عادة ما تكون الأولى في أي مشهد للخراب ، ووراءها ما وراءها من الشرّ والشؤم بالضبط مثلما استقر عند العرب أنه كلما كثر نعيق الغربان في مكان فهناك دلالات على أن هناك شيء ما يُدبر فوق الأرض ، فإما أفعى تريد أن تتلقف الصغار في عشها أو هناك ثعلب أو ذئب يكشّر عن أنيابه للبدء في المكر بالانقضاض على وجبة جديدة .
ولنا أن نتصوّر أو نتساءل عن سرّ التدهور الأمني الخطير الذي حصل في وطننا العزيز بعد يوم واحد فقط من زيارة وزير الدفاع الأمريكي وخاصة ما يتعلق بتصريحاته حول التدخل الإيراني . فاللهم احفظ بلداننا وأوطاننا من شرور الغربان ، ما ظهر منها وما بطن ، وجنّب سنّتنا وشيعتنا من الوقوع في شراكها وفخاخها .
سانحة :
أخشى أن البعض يخطأ أو يضلل أتباعه في كثرة ترداد أن من قام بالدفاع عما حصل في الدوار السابع بمدينة حمد وأن من تصدّى للدفاع عن امرأة البسيتين وكذلك الأمر بالنسبة للرفاع وأيضاً جامعة البحرين ؛ هم من البلطجية والمجنسين! ففي الواقع إن من أهل السنّة والجماعة من بلغ الاستياء حدّه من استفزازه وتهميشه واستمرار عدم احترام وجوده في هذا الوطن ورفض التعامل معه كشريك على تراب هذه الأرض وتعطيل تعليمه وعلاجه وشوارعه وسائر مصالحه وتهديد أمنه واستقراره . وليس من المعقول أو من المتصوّر بأن يتم توزيع الورود عليه في مقابل كل هذه الأضرار والفوضى . ثم يُقال له أيضاً : ” نحن إخوان .. سنّة وشيعة .. هذا الوطن ما نبيعه ” !! في الحقيقة تحتاج الشعارات إلى من يصدّقها على الأرض مثلما تحتاج الورود إلى من ينشر عبيرها في الأجواء .