راصد

الجريمة الاقتصادية

ربما لفداحة أثرها النفسي والإنساني والاجتماعي في المجتمع  فإن أكثر ما طغى على السطح مما يتم نشره وتداوله هذه الأيام عما جرى خلال الأحداث المؤسفة التي مرّت بها بلادي العزيزة خلال الأسابيع الماضية يتعلّق بجريمة القتل والاعتداء وجريمة احتلال أو اختطاف مجمع السلمانية الطبي وجريمة تعطيل التعليم في مدارسنا وجامعاتنا بينما هناك جريمة أخرى لاتقلّ جسامتها وخطورتها وآلامها عن بقية الجرائم ، بل إن لها تداعيات قد تطول ولا تقصر ؛ قد قلّ الحديث عنها وتوارى ظهورها وبيانها في مختلف وسائل الإعلام .

ما أعنيه هنا ، هو الجريمة الاقتصادية التي تم التخطيط لها وتنفيذها عن سبق عمد وترصد  وتقصّد بهدف شلّ الاقتصاد والوصول إلى ما يشبه حالة الانهيار التي حفظنا المولى عز وجل من أخطار حصولها . لا يقتصر ما نعنيه هنا بالجريمة على ما حدث في المنطقة التجارية المحيطة بدوار مجلس التعاون والمرفأ المالي وباب البحرين فقط ، ولا تقف حدود هذه الجريمة على ما حصل في شركة بابكو وألبا – وهما من أهم روافد اقتصادنا الوطني – وما تكشّف فيهما من ( بلاوي ) غالبها كان متوقعاً – للأسف الشديد – منذ السنوات القليلة الماضية لكن لم يحرّك أحد ساكناً .

الجريمة الاقتصادية التي أريد أن ألفت لها الأنظار هي التي مسّت شرائح كبيرة من المواطنين وأضرّت بأرزاقهم ومصادر دخلهم ، أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبيرة ، ممن توقفت أعمالهم وانقطعت حركة البيع والشراء لديهم ، وتقطعت سبل تقديمهم وتنفيذهم للخدمات  وتعطّلت محلاتهم ومؤسساتهم وما ترتب على ذلك من خسائر ( الله العالم وحده من أين سيعوّضونها) وبعضهم قد وضع في محلّه أو مشروعه مدّخرات عمره وسني حياته ، وارتبط لأجلها بقروض وديون لا أوّل لها ولا آخر ، وهم لديهم عوائل وأبناء يعتمدون على هذا الدخل لحاضرهم ومستقبلهم .

وهنا لابد أن نشكر صاحب السمو رئيس الوزراء الموقر على إصداره توجيهاته الكريمة للجهات المعنية لدراسة تجميد وتخفيض بعض الرسوم عن كاهل هؤلاء المتضررين من الجريمة الاقتصادية . وكلّنا أمل أن تنتهي هذه الدراسة سريعاً وأن تقوم هذه الجهات بترجمة توجيهات رئيس الوزراء إلى قرارات فورية نافذة تخفف على هؤلاء المواطنين خسائرهم وأضرارهم جراء الجريمة الاقتصادية التي ارتكبت بحقهم .

سانحة :

لخّص فناننا القدير عبدالله المحرقي يوم أمس في زاويته الفنية العريقة ( الكاريكاتير ) في جريدتنا الموقرة الخطوات المطلوبة الآن ، وقسّمها مشكوراً إلى ثلاث مراحل : الأولى تثبيت الأمن والاستقرار . الثانية : المحاسبة . والثالثة الحوار . ونعتقد أن هذه هي الخطوات المنطقية والطبيعية ، ولا يمكن تقديم المرحلة الثالثة قبل تحقيق المرحلتين السابقتين لأن ضمان النتائج المثمرة للحوار لايتأتى بدون نجاح تلك المرحلتين . .

أضف تعليق