يعتبر البوم أحد الطيور الليلية الجارحة المميزة في عالم الطيور والمعروفة في دنيا الناس بأنها نذير شؤم لا تختلف كثيراً عن طائر الغراب . وللبوم ميزات كثيرة ، منها استطاعتها الطيران عند عمر (6) أو (7) شهور وطيرانها هاديء ، فلا تحدث أجنحتها صوتاً أثناء الطيران ، حتى لا تهرب الفئران والقوارض والحشرات التي تشكل الغذاء المفضل لدى البوم .
غير أن أكثر ما تتميز به البوم حاسة البصر القوية ليلاً ويبدو ذلك جلياً واضحاً من كبر حجم أعينها الحادة الثاقبة ، بل و تعتبر البومة هي الطائر الوحيد الذي يستطيع النظر بكلتي عينيه إلى هدف واحد, لذا فلكي ترى من حولها فقد حباها الله بالقدرة على دوران رأسها بزاوية كبيرة ربما تصل إلى (280) درجة إضافة إلى تميزها الشديد في الرؤية الليلية ، تلك الميزة التي لا يضاهيها فيها ولا ينافسها أحد ، وبالتالي فإن غالب قدراتها لا تظهر في النهار ، ولا تستطيع العمل إلاّ في الظلام حينما تغيب الشمس ويختفي النور حتى أنه يُروى في قصص الحيوان أنه في ليلة مظلمة غارت نجومها تماماً ؛ تسلل خِلدان تحت جنح الظلام إلى الغابة ، وكانت البومة جالسة على شجرة بلوط فصاحت بهما أنتما؟ فارتجفا في خوف وذهول كيف يمكن لكائن أن يرانا في هذا الظلام الدامس؟ ! فقالا : من أنت وكيف اهتديت إلينا ؟ فصاحت البومة بأشد : أنتما الاثنان؟ فهرع الخلدان إلى حيوانات الحقل ليخبرا أن البومة هي لا شك أعقل الحيوانات لأنها تستطيع الرؤية في مثل هذا الظلام ولأنها تستطيع الجواب على كل سؤال . فقام طائر كبير وقال سنرى حقيقة الأمر؟ ثم إنه جاء إلى البومة في ليلة مظلمة وسألها : كم مخلبا أخفي؟ أجابت البومة : اثنان . وكان ذلك صحيحا. رجع الطائر إلى الحيوانات فصرخ بأعلى صوته : أن البومة هي سيدة الكائنات حكمة وعقلا لأنها ترى في الظلام ولأنها تجيب على كل سؤال؟ فانبرى ثعلب أحمر فسأل هل تستطيع البومة أن ترى في ضوء النهار كما ترى في حلكة الليل؟ نظر الطائر وجماعته إلى السؤال السخيف وقالوا : تبا لك ، الذي يرى في الظلام الأولى له أن يرى في النهار. ثم إن حيوانات الغابة قامت بطرد الثعلب وأشياعه من الغابة. ثم أرسلت حيوانات الغابة في طلب البومة أن تكون زعيمتهم إلى الأبد، فلما وصلت البومة كانت الشمس قد سطعت، فأخذت تسير ببطء في وهج الشمس مما أعطاها المزيد من الوقار. وكانت أثناء هذا تحملق بعينين واسعتين مبحلقتين فيما حولها. فصرخت دجاجة إنها آلهة ! فالتقط الآخرون الصرخة وزعقوا بما أوتوا من قوة إنها آلهة ! وتبعوا البومة حيث ذهبت وحيثما اصطدمت بالأشياء اصطدموا ولم يبالوا فهم يرون أنها آلهة . وأخيرا وصلوا إلى شارع عريض وهم يتبعون البومة ويهتفون لزعامتها بالدم بالروح نفديك يا بومتنا الغالية . وأثناء هذا لاحظ صقر اقتراب شاحنة مسرعة في الشارع فصاح : انتبهوا. سأل الموكب البومة ألست خائفة ؟ قالت : وممن؟ وكانت هادئة لأنها لا ترى شيئا . فصاح من هم ورائها بصوت مبحوح إنها آلهة ؟ واستمروا في ترديد الهتاف حتى صدمتهم الشاحنة مع بومتهم قبل أن يدركوا أن البومة طائر لا يُحسن العمل في النهار ولا تسعفه عيناه – رغم كبرهما – إلاّ في الليل وحلكة الظلام .. فحلّ بهم الخراب والإحباط وتحسّروا لأنه كان بإمكانهم أو من المتاح لهم العمل في ضوء الشمس وعدم اللجوء لقيادات أو زعامات لا تتقن العمل إلاّ في الظلام .