قد يكون هذا الاسم غريباً على أسماعنا أو أنه أمنية نحلم بها ، وقد يكون البعض قد سمع أو قرأ عنه لكنني أكاد أجزم أن كثرة من القراء ، ربما هي الغالبة ، لا تعرف أن هذا الجهاز موجود – أو هكذا يُفترض – بحسب اتفاقية إنشاء جهاز تلفزيون الخليج الموقعة في مدينة الرياض بتاريخ 20/2/1397هـ الموافق 8/2/ 1977م ، وهي الاتفاقية التي جاء في مقدمتها ( ديباجتها ) ما يلي :
” بالنظر إلى المقومات العديدة المتوافرة لمزيد من التقارب والتكامل بين دول منطقة الخليج ، حيث تربط فيما بين شعوبها وحدة الدين والأرض والبيئة والثقافة واللغة والتاريخ والمصالح والإرادة المشتركة. وإدراكا للمسئولية الكبرى الاجتماعية والتربوية والثقافية ، المنوطة بوسائل الاتصال الجماهيري وخاصة الإسهام في حركة التقدم والنمو وكذلك خلق المجتمع الجديد الموحد لشعوب المنطقة. ورغبة في توحيد الجهود وتنسيق الإمكانيات وتوثيق التعاون في مجال الإعلام كي تنهض الهيئات التلفزيونية بواجبها للتعرف فيما بين شعوب المنطقة ، والتعريف بها في خارجها . فقد اتفقت حكومات دول الخليج الموقعة على هذه الاتفاقية فيما بينها على إنشاء جهاز تلفزيون الخليج ليتولى تنسيق التعاون بين دول المنطقة وتطوير التلفزيون فيها، وتنمية تبادل البرامج والمعلومات والخبرات والأشخاص وآخر البحوث، وتعزيز دور التلفزيون في خدمة التنمية “
وقد وقعت على هذه الاتفاقية جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ عام 1977م وتحددت أغراض هذا الجهاز بحسب المادة الثالثة من الاتفاقية ، فيما يلي :
1- تنسيق التعاون بين هيئات التلفزيون في الدول العربية بمنطقة الخليج لتقوم برسالتها في تعزيز روح الإخاء العربي تنمية الاتجاهات والمقومات المشتركة في المنطقة.
2- تطوير إمكانيات الدول الأعضاء في حقل التلفزيون.
3- تنمية تبادل الأخبار والبرامج والمعلومات والخبرات والأشخاص والمواد التلفزيونية التي تعود بالنفع العام على الدول الأعضاء.
4- تشجيع التدريب والبحوث والدراسات في مجال التلفزيون.
5- تعزيز دور التلفزيون في خدمة خطط التنمية في المنطقة.
6- التعاون مع الهيئات المعنية على توفير الوسائل التقنية للربط التلفزيوني بين الدول الأعضاء واستغلال الوسائل المتاحة ليتمكن الجهاز من تنسيق بث البرامج المشتركة.
7- العمل على تحقيق أهداف اتحاد إذاعات الدول العربية ودعم التعاون في إطاره.
8- إيجاد حلول في نطاق الجهاز وبروح الإخاء والتعاون لما قد ينشأ من مشاكل في الحقل التلفزيوني بين دول الخليج.
لا يخفى على أحد الأدوار الكبيرة التي يمكن للإعلام أن يلعبها في عصرنا الحاضر وتأثيراته التي لاتحدّها الجغرافيا ولاتقف بينها فواصل ، ولا نبالغ إن قلنا أن الإعلام يفوق في نتائجه الأسلحة والذخائر العسكرية .
من الغريب أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لم تشعر حتى الآن بأهمية استغلال هذا الجهاز فيما يُحاك ويُدبّر ضدها ، وضد دولها ، ولم تتحرّك لبيان حجم المؤامرة ، ليس للعالم الخارجي فحسب وإنما هي مقصّرة حتى بالنسبة لشعوبها . من الخطأ أن تسعى تلفزيونات دولنا الخليجية وفضائياتها للتنسيق والنقل المشترك والموحد لمباراة رياضية أو حفلة أو مهرجان غنائي أو ما شابهها من مناسبات وفعاليات ( عادية ) ولا يكون لها مثل هذا المسعى في وقت مثل الأحداث المؤسفة التي مرّت على إحدى دول المجلس ، وهي البحرين ، والتي هم يعلمون أن ما مرّت به البحرين إنما هو شأن خليجي وليس بحرينياً فقط .
أثناء الأزمات والأخطار تتغير السياسات الإعلامية وتتعدّل الاستراتيجيات لتتناسب مع هذا الخطر وتتواكب مع مستلزمات مواجهته ؛ لكننا – للأسف الشديد – فإن فضائياتنا الخليجية ومحطاتها الإذاعية مقصرة أو لم تتواكب حتى الآن مع ما حصل مثلما لم يرْق جهاز تلفزيون الخليج ، وهو المؤسسة الإعلامية المشتركة المنشأة منذ عام 1977م إلى مستوى الحدث في تعامله ، بل لم نر منه أي برنامج في هذا الصدد . إنها ثغرة إن لم نسدّها في هذا الوقت ونستغل ونفعّل وجودها ؛ فمتى إذن ؟!!