نافذة الجمعة

انكسر ( التابو )

تابو (taboo) هي كلمة أتى أصلها من لغات سكان جزر المحيط الهادئ ، وتعني المحرّم وأحياناً الشيء المقدّس . جمعها ” تابوهات ” وتُجمع أيضاً بـ ” تابُوات ” تم الاصطلاح على استخدامها للإشارة إلى الشيء المحرّم الخوض فيه أو المحظور  القيام به ، سواء دينياً أو  بحسب الأعراف السائدة  أو لتحريم المجتمع لشيء ما يطلقون عليه هذا (taboo) .

بمعنى آخر فإن ( التابو ) هو ما يتجنّب الناس الكلام فيه باعتباره أمراً محظوراً أو  محرّماً الخوض فيه إلى الدرجة التي تقترب من المقدّسات أو المسلّمات التي لا تقبل النقاش والخوض فيها وعندما يُكسر هذا المنع فذلك شيء عظيم لأن أصل المنع وتحريم الكلام فيه كان خطئاً أو أنه قد ترتّب بشكل مقصود لأجل عدم مناقشته والمساس به .

( التابو ) ، تبعاً لذلك ، قد يكون أفعالاً أو أقوالاً  لكن الجرأة ، كل الجرأة في كسره واعتماد الأمر الصحيح بعد تقويض وتفنيد أركان تحريمه وخداع المجتمع وإيهامه به خاصة إذا استمرّ هذا الوهم والخداع لفترات زمنية طويلة .

خلال الأحداث المؤسفة التي مرّت بوطننا العزيز تكسّرت ” تابوهات ” كثيرة تم إيهامنا لسنوات عديدة بعدم الخوض فيها وأنها شيء من المسلّمات بينما كشفتها الأحداث وكسرت ما بداخلها وربما فضحته وبيّنت زيفه . من تلك الـ ” تابوهات ” مثلاً عقدة المظلومية أو التمييز ضد الطائفة الشيعية ؛ وهي العقدة التي قد لا تخلو مناسبة أو ندوة أو اعتصام أو مسيرة من ذكرها واعتبارها أمراً صحيحاً ومسلّما به (taboo) لا يُجادل فيه فإذا به يصبح كلاماً لا صدقية له ، ولم يصمد إزاء كثير من الدلائل والمعطيات التي أفضت خلال الأحداث وبالذات أثناء الاعتصامات والإضرابات إلى أنهم صاروا يسيطرون بصورة شبه كاملة أو كبيرة – بسبب الابتزازات والترضيات والتسويات والتضليلات – على مجالات حيوية هامة في الصحة والاقتصاد والتجارة والتعليم والنفط وما إلى ذلك من قطاعات يصعب أنهم بالفعل كان يُمارس ضدهم التمييز وأنهم يعانون من المظلومية والتهميش ، بل يتحدّث ماهو موجود على الأرض ، ووفق البيانات وليس وفق الـ (taboo) أن العكس هو الصحيح ..

سانحة :

وتبعاً لما سبق ، وكدلالة واضحة على انكسار هذا الـ (taboo) فإنه يكفينا – على سبيل المثال – معرفة أن أعداد الذين تطوّعوا لسدّ النقص في مدارس البحرين أثناء إضراب المعلّمين قد تجاوزوا الخمسة آلاف متطوّع ، جلّهم من المؤهلين الجامعيين ، غالبهم من العاطلين عن العمل ، العاطلين عن العمل !!

ليس الحاجة الآن إلى أن تقوم الدولة بتكريم هؤلاء المتطوّعين بقدر الحاجة إلى التعرّف على أسباب عطالتهم رغم ما يملكونه من مؤهلات وإخلاص وحسّ وطني وجدوا أنفسهم بسببه بشكل طبيعي وبديهي يلبّون نداء الواجب حينما امتنع الآخرون عن القيام به . خمسة آلاف ليس بالعدد البسيط أو الهيّن لولا أن الـ (taboo) الذي كان موجوداً هو الذي كان يفرض نفسه في العديد من المجالات بحيث لم يترك الفرصة لإنصاف هؤلاء الـ ( خمسة آلاف ) حتى لو أفضى إهمالهم نتيجة سيطرة هذا الـ (taboo)   إلى أن يبقوا بشهاداتهم في بيوتهم أو أن تٌعرض عليهم ( فضلات ) الوظائف الشاغرة مما لاتتناسب مع مؤهلاتهم ولاتستحق رواتبها العمل لأجلها .

أضف تعليق