يُعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر التجارب الناجحة للتكامل والاندماج الإقليمي في وقتنا الحاضر ، حيث يشكل في إطاره الحالي أكبر قوة اقتصادية في العالم . وتعود نشأته عندما قامت عدة جماعات ومؤسسات غير رسمية بجهود ومحاولات من أجل الوصول إلى وحدة أوروبية فكان من ثمارها أن تنادت لعقد مؤتمر لاهاي بشهر مايو 1948 والذي نتج عنه قرار إنشاء جمعية برلمانية أوروبية وظيفتها الرئيسية بحث الأمور ذات الأهمية المشتركة لدول أوروبا والتوصل إلى وضع التدابير التي تحقق تعاونها في المجالات الاقتصادية والسياسية . وبعد عام واحد تقرر إنشاء مجلس أوروبا الذي ضمّ كل من بلجيكا وفرنسا ولوكسمبورج وهولندا وبريطانيا والدانمرك وايرلندا وايطاليا والنرويج والسويد.
وكانت أول المعاهدات بينهم هي معاهدة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب عام 1951 ثم أعقبتها معاهدة الجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1957 التي استهدفت إيجاد سوق للتجارة الحرة داخل الدول الأعضاء في هذه الجماعة عن طريق التخفيف التدريجي للرسوم الجمركية على الواردات والصادرات وحصص الإنتاج الصناعي في هذه الدول ، تلتها معاهدة الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية أيضاً في عام 1957. ثم في عام 1965 تم توقيع معاهدة الاندماج المعروفة بمعاهدة إنشاء مجلس واحد ولجنة واحدة للجماعات الأوروبية في بروكسل والتي دخلت حيز التنفيذ في الأول من يوليو 1967.
على أنه في عام 1992 تم التوقيع على معاهدة الاتحاد الأوروبي في مدينة ماستريخت في هولندا ، وسُمّيت هذه المعاهدة باسمها “ماستريخت” ، وكان أهم ما جاء فيها توحيد أوروبا و إنشاء كيان جديد ، هو الاتحاد الأوروبي
والسوق الأوروبية المشتركة ، وتميّزت ايضاً بإنشاء مواطنة للاتحاد الأوروبي بمقتضاها يصبح كل مواطن يحمل جنسية دولة عضوا مواطنا في الاتحاد ، ويتمتع بالحقوق المنصوص عليها في المعاهدة مثل الحق في الانتقال والإقامة داخل أقاليم الدول الأعضاء ، ونصت تلك المعاهدة على وضع جدول زمني للوحدة الاقتصادية والنقدية ، وإنشاء عملة أوروبية موحدة بحلول عام 1999م وهي أمور قد تحققت ، وكلنا يرى الآن الحجم السياسي والاقتصادي للاتحاد الأوروبي بعملته الموحدة وسياسته المعروفة والثابتة تجاه مختلف القضايا والمشكلات في العالم .
يتكون الاتحاد الأوروبي حتى الآن من (27) دولة بين أنظمتها وشعوبها من الاختلافات والفروقات الدينية والمذهبية والقومية والعرقية وكذلك في لغاتها وجغرافياتها ، بل وبين بعضها حروب وصراعات تاريخية معروفة مثل حرب المائة عام بين انجلترا وفرنسا .. ومع ذلك لم تقف تلك الأمور عائقاً دون وحدتهم وتجاوزهم لخلافاتهم التاريخية وفروقاتهم الحالية ، بل وكوّنوا هؤلاء الـ (27) دولة اتحاداً قوياً له مؤسساته ومجالسه ونفوذه وعملته و… إلخ . والأهم أنه أصبح هو محط أنظار العالم و( حسده ) .
وبالتالي ؛ ألا يمكن لست دول فقط ، كدولنا الخليجية ، تربطها لغة واحدة ودين واحد وعلاقات متداخلة ومترابطة يرجع تاريخها لمئات السنين ويشملها إقليم جغرافي واحد ، وتتهدّدها أخطار واحدة أيضاً .. أليس من الأجدر بهم أن يرتقي مجلسهم الحالي ويصل إلى مراتب الاتحاد الأوروبي . ليس فرصة لتحقيق ذلك مثل الآن فنفرح بإعلان قيام اتحاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية .
سانحة :
ذكر تقرير مؤسسة الدراسات والأبحاث ” فيث ماترز” إن عدد البريطانيين الذين اعتنقوا الإسلام بلغ (100) ألف شخص خلال العقد الماضي، وبمعدل نحو (500) بريطاني كل عام ، بالمقارنة مع (60699) بريطانياً في العقد الذي سبقه عام 2001.
ويحدث ذلك بالرغم من كل حملات التضييق والتشويه والتهميش الذي يتعرّض له الدين الإسلامي . لكن مايحدث من انتشار واسع لهذا الدين في مختلف اصقاع العالم إنما هو مصداقاً لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ” ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو ذلّ ذليل ، عزاً يعزّ الله به الإسلام ، وذلاً يذل الله به الكفر”