راصد

المارد .. بعيداً عن الانتخابات

أسعدني كثيراً التصريح المنشور لفضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود بأن تجمع الوحدة الوطنية لن يشارك باسمه في الانتخابات النيابية التكميلية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر القادم . ومبعث فرحي هو أن هذا التجمع خرج قوياً ويجب أن يبقى قوياً .

فهو كالمارد الذي نفض عن نفسه الغبار وخرج من قمقمه ليجمع مكوّن رئيس في المجتمع البحريني تحت مظلته ، زالت في لحظة ذاك الجمع المبارك مابين هذا المكوّن من فروقات أو خلافات أو اختلافات سابقة وربما خصومات وعداوات لتذوب كلّها أمام تلبية نداء حماية الوطن ، لا نريد لها أن ترجع أو يعود جزء منها بسبب هذه الانتخابات التي نعرف جميعاً أنه كان لها إسهاماتها السيئة في زيادة الفرقة والتشرذم والتفكك في شارع أهل السنة والجماعة .

الغاية الرئيسية التي خرج لأجلها هذا المارد لا ينبغي تحجيمها أو إزالة أو تخفيف مظلتها وسطوتها وتأثيرها في مجرّد جمعية نفع عام أو جمعية سياسية تكون رقماً آخر أو إضافة جديدة قد تسهم في زيادة شتات الجهود والصفوف بالذات عند المكوّن الرئيس الذي قام تجمع الوحدة الوطنية أصلاً للملمته وتوحيد كلمته ودعم صفوفه وإثبات وجوده.

هذا التجمع يجب ألاّيجري تقزيمه بأي صورة من الصور ، وينبغي أن يبقى مظلة أو مرجعية أو حتى ائتلاف – مثلما يقولون – أو أي شيء آخر إلاّ أن يكون جمعية سياسية جديدة لأنه أمل جديد لأهل السنة والجماعة الذين يترقبون منه أشياء كثيرة ، ولا يتوقعون منه بعد كل ذلك أن يكون مجرّد جمعية أخرى كباقي الجمعيات في مشهدنا البحريني .

مشكلة الجمعيات السياسية – للأسف الشديد – أنها اختزلت أهدافها وأنشطتها ووجّهت غالبها (تقريباً ) نحو مجرّد الحصول على مقاعد بلدية أو نيابية وأخشى أن أقول وفقط . بينما يُفترض أن لهذه الجمعيات أنشطة وفعاليات وأعمال كثيرة أخرى تم إهمالها أو – إذا أردنا تخفيفها – لم تأخذ حقّها المفترض في خطط واستراتيجيات تلك الجمعيات حتى بات واضحاً مقدار الفجوة في حركتها خلال الفترة مابين انتخابات وأخرى ، أعني الفترة ما بين بداية الأربع سنوات ونهايتها.

بل نتج عن ذلك ظهور فهم عام لدى الناس أن أي عمل أو نشاط تقوم به هذه الجمعيات السياسية إنما يُقصد منه دعاية انتخابية بحيث أنه حتى لو ذهب وفد من هذه الجمعية أو تلك إلى الأراضي الفلسطينية للمساعدة في فك الحصار أو سافر إلى مجاهيل أفريقيا للمساهمة في إغاثة الجياع أو نفذ مبادرة هنا أو شارك في رحلة أو ملتقى هناك أو أنجز مشروع ما هنا أو هناك ؛ فمن السهولة أن يوصف عمل تلك الجمعيات بأنه لغير وجه الله ، وليس لصالح الوطن وإنما لأغراض انتخابية ومصالح انتخابية . حقيقة لقد حاصرت الانتخابات أعمال الجمعيات السياسية وقضت – أو كادت – على أهدافها الأخرى وقلّصت أنشطتها . وبالتالي لانريد للمارد ، تجمع الوحدة الوطنية أن يؤول إلى ذات المصير .

في هذا الصدد ، إن شاءت الأقدار أن يبقى هذا التجمع كما هو ، أو أن يتحوّل إلى جمعية سياسية ؛ فإني أرى وأقترح – له ولغيره من الجمعيات – أن يُشترط لعضوية إدارته العليا أو مجلس إدارته عدم الترشح للانتخابات البلدية أو النيابية ، فذلك أدْعى لأن يمسك بإدارته من ليس لهم تطلعات وطموحات ورغبات تسلّق وصعود ، قد تتفتت وتتشوّه وتتقلّص المناشط والفعاليات وتتغير التوجهات ثم تذهب جميعها أو أجزاء كبيرة منها فقط لإشباع رغبات المتطلعين والمتسلّقين .

أضف تعليق