راصد

لاتجعلوها شمّاعة فاقدة القيمة

لا نحتاج في واقع الأمر بعد الأحداث المؤسفة التي مرت بوطننا العزيز إلى أن نعود لتكرار ألفاظ المجاملات أو عبارات (علاقات عامة ) فنكثر استخدام كلمات اللحمة أو الوحدة الوطنية  والتآلف وما شابه ذلك من كلمات ربما تُفقد قيمتها مع كثرة تكرارها من دون أن يكون لها برنامج عمل ثابت ومرجعية قانونية ملزمة للجميع . وغير ذلك تصبح مثل هذه الكلمات شمّاعة أو حيلة أو ( مسمار جحا ) يتم ضربها وانتهاكها – أي الوحدة الوطنية – ومع ذلك تبقى أو تعود هذه الابتسامات والمجاملات المكررة والمكروهة وكأن شيئاً لم يحصل .

بالأمس – مثلاً – قرأنا تصريحاً للسيدة سعاد محمد الأمين العام المساعد لشئون المرأة بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين تعلن فيه نية الاتحاد القيام بفعاليات تهدف إلى تعزيز اللحمة الوطنية بين العمال داخل مختلف مواقع العمل ، و تجنب ما نتج من ردود أفعال سلبية إثر الأحداث الأخيرة مشيرة إلى أن هنالك خطة ستعمل بدأب على إبعاد العمال عن التيارات السياسية والطائفية التي تعيق التقارب والتآلف بين العاملين في مختلف المؤسسات الإنتاجية !

لاشك أن هذا الكلام جميل لكنه في حقيقته يدخل ضمن الشمّاعات والجمل المكرورة التي أشرت لها في بداية عمودي .. حيث لايحتاج اتحاد نقابات عمال البحرين أن يقوم بخطة أو ينظم فعاليات ليعرّف منتسبيه بما هو ثابت وموجود في قانون ونظام تأسيس تلك النقابات ، خاصة المادة (20) من المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 بإصدار قانون النقابات العمالية التي تنصّ في فقرتها (د) على : ” يحظر على المنظمات النقابية العمالية ممارسة العمل السياسي ” فالمعروف لايُعرّف.

ما جرى خلال الأحداث الأخيرة لايحتاج الآن إلى أنشطة وفعاليات لمحوه إنما يحتاج أولاً إلى تغيير ومحاسبة قيادات وإدارة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين على مخالفاتها وتجاوزاتها الخطيرة واستهانتها بالقانون وجرّها للعمّال إلى حركة إضراب وعصيان مدني لايقرّه نظامهم ولايستند في صحّته إلى أي قانون .

لقد أوضح القانون رقم (49) لسنة 2006بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، بكل صراحة في مادته رقم (21)  في فقرتها الثانية ، ما يلي :  يلزم لصحة الإضراب توافر الشروط التالية:

‌أ-   موافقة أغلبية أعضاء الجمعية العمومية غير العادية للمنظمة النقابية المعنية على إعلان الإضراب  ب-  إخطار صاحب العمل بعزم العمال على التوقف عن العمل قبل خمسة عشر يوماً على الأقل من القيام بالإضراب . ج-   عدم التوقف عن العمل أثناء عرض النزاع لحسمه عن طريق التوفيق والتحكيم. د- عدم جواز الإضراب في المنشآت الحيوية التي يترتب على الإضراب فيها الإخلال بالأمن الوطني أو اضطراب في سير الحياة اليومية للمواطنين . ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد المنشآت الحيوية التي لا يجوز فيها الإضراب .  وبالفعل أصدر رئيس الوزراء الموقر قرار رقم (62) لسنة 2006 بشأن تحديد المنشآت الحيوية المحظور بها الإضراب ، و تشمل بحسب المادة الأولى من هذا القرار ( 12) مجالاً، هي :  الأمن ، الدفاع المدني ، المطارات ، الموانيء ، المستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات ، جميع وسائل نقل الأشخاص والبضائع ، الاتصالات السلكية واللاسلكية ، الكهرباء ، الماء ، المخابز ، المؤسسات التعليمية ، منشآت قطاع النفط والغاز.

وأترك للقراء الكرام تقدير فداحة ما أقدم عليه هذا الاتحاد وضربه عرض الحائط بكل الشروط اللازمة لصحة دعوته للإضراب العام وما نتج عنها من أضرار بحق الوطن خلال الأحداث الأخيرة ، وكذلك – وهو الأهم – تقدير مدى نجاعة ومناسبة دعوته الجديدة الآن لعودة اللحمة الوطنية بعدما ساهم عن سبق عمد وترصد في تمزيقها .

سانحة :

تقول الحكمة ” عندما يكون الإنسان مثل قطعة النقود يحمل وجهين مختلفين .. فحتما سيقضي عمره متنقلاً بين جيوب الناس “

أضف تعليق