راصد

أعيدوا قطار الزواج إلى سكّته الصحيحة

تمرّ البحرين الآن بمرحلة تغيير ستقودنا إن شاء الله إلى الوضع الأمثل المتوافق عليه وطنياً من خلال الحوار الشامل الذي دعا إليه جلالة الملك المفدى . والأنظار أو الطموحات تتركز على النواحي السياسية في هذا التغيير التي رغم أهميتها لكنها ليست كل شيء ، وليست كل ما نحتاجه من أجل الوضع الأمثل خاصة بالنظر إلى ديمقراطيات دول وأنظمة عريقة لازالت تعاني مجتمعاتها من عدم استقرار أو تتعرض أنظمتها بين حين وآخر لاضطرابات أو ( هنّات ) .

التغييرات الواجب حصولها في كيان المجتمع بعد الأزمة التي مررنا بها وشكلت علامة فارقة نبّهت الغافلين وأيقظت النائمين لايجب حصرها فيما يريده الساسة ويسعون إليه من مكاسب سياسية ودستورية ومؤسساتية ، وفقط .

ربما تكون التغييرات الاجتماعية من حيث إعادة ترتيب بيوتنا ومقتضيات النشأة والتربية وطرق المعيشة والسلوك العام ومراجعة سلّم الاهتمامات أولى من التطلعات السياسية لما لها من آثار على المدى البعيد ، تتعلق بالهوية والانتماء نخشى أن نقول أنها لم تكن في السابق ضمن وارد التفكير والاهتمام و( الحسبان ) .

فمثلاً ، مسألة تسهيل الزواج وتيسيره  والتشجيع عليه ؛ لابد أن تقفز في مقدمة التغييرات التي آن الأوان لبحثها خاصة عند أهل السنة والجماعة حيث بات واضحاً عندنا تضخم التكاليف المالية للزواج بصورة تنفر أبناءنا وبناتنا عن التفكير فيه وقد تدفعهم إلى الحرام – لا سمح الله – أو إلى الزواج المتأخر أو صرف النظر عنه إلى الأبد .

التكاليف الباهظة الحالية لا تتعلق بقيمة المهور فقط وإنما تعدّتها لمظاهر وطقوس واحتفالات واشتراطات أخرى ، غالبها كمالية ، هي قاصمة للظهر وتجعل العرسان الجدد يبدأون حياتهم معسرين ، تلاحقهم ، هم أو أولياء أمورهم الديون والقروض ، ويترتب عليها أيضاً حالات طلاق متزايدة أو تأخير الإنجاب أو تحديده أو تنظيمه لقلّة ذات اليد واليسر المادي في ظل ظروف معيشية صعبة كلنا يعرفها ويشتكي من ضنكها .

البعض يسعى جاهداً ومشكوراً لتقديم المساعدات للراغبين في الزواج ، وتشتغل في هذا السبيل الجمعيات والصناديق الخيرية ورجال البر والإحسان ، وتُجرى احتفالات الزواج الجماعي وما شابه ذلك من أمور يظنّ الكثيرون أنها المخرج المناسب لتيسير الزواج وتذليل عقباته لدى شبابنا . غير أن الحل الأمثل ليس في المساعدات والإعانات ، فذلك ترقيع لايجدي . وإنما الصواب أن تتكاتف الجهود من أجل تعديل المهور ووقف المغالاة فيها وتخفيض قيمتها وتقليص مظاهر وعادات وشروط شكلية واحتفالية ينبغي التضحية بها لصالح ما هو أهم منها .

نحتاج إلى وعي جمعي جديد ، ينبع من الناس والأفراد وليس من الجمعيات والصناديق ، يعيد قطار الزواج إلى سكّته الصحيحة ويحمي الأبناء والبنات من مزالق الانحراف ويبعدهم عن مراتع الحرام أو مصائر العنوسة ، ويحقق الهدي النبوي في تحصين الشباب حينما قال صلى الله عليه وسلم : ” إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فأنكحوه ,  إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير . قالوا : يا رسول الله و إن كان فيه ? قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه … ثلاث مرات “.

سانحة :

تبا لزمن يكون فيه الحرام بـ (20) و(30 ) دينارا ويكون الحلال فيه بـ (3000) و(4000)  دينار أو أكثر .

أضف تعليق