المقالات

الفرق بين الإجبارية والاختيارية

بغض النظر عن الموقف من الموسيقى ، من حيث الحلّ أو التحريم أو من حيث المنع أو التأييد ؛ فإن من تصدّى أو نقل عن السادة النواب في جلستهم الماضية مطالبتهم بمنع تدريس الموسيقى في المدارس قد جاوز الدقة والموضوعية في طرحه ، سواء عن قصد أو عن غير قصد . لأن الذي تم عرضه في الجلسة الماضية ليس اقتراحاً أو طلباً بهذا الخصوص وإنما كان ردا من الحكومة على اقتراح برغبة قديم رفعه النواب منذ حوالي عام واحد يتعلق بجعل مقررات دروس الموسيقى في المدارس الحكومية والخاصة مقررات اختيارية وليست إجبارية . وأرجو أن تضعوا خطاً تحت عبارة (مقررات اختيارية وليست إجبارية ) .

أي بمعنى أن أصل الاقتراح ( القديم ) والرد الحكومي عليه لم يأتيا على ذكر منع تدريس الموسيقى بالمطلق حسبما أوحت بذلك آلة الإعلام والصحافة وتم شن حملة على السادة النواب اعتماداً على نقل مبتور أو مجحف لم يفرّق بين الإجبار والاختيار ، بين السماح بتدريس الموسيقى للراغبين وبين السماح بعدم دراستها للرافضين لها .

غني عن البيان أن فئات – ربما ليست بالقليلة – من الشعب ترفض إرغام أبنائها على دراسة الموسيقى انطلاقاً من آراء وفتاوى شرعية معتمدة ومعتبرة ينبغي احترامها وعدم الاستهانة بها مثلما أن هنالك فئات أخرى لاترى بأساً من دراسة أبنائها للموسيقى ، وبالتالي جاء طلب النواب واقتراحهم القديم مبنياً على التأكيد على توفير هذين الخيارين أسوة بعدد من المقررات الاختيارية الأخرى ، ولم يأت بالمنع المطلق مثلما تم الإيحاء به طوال الأيام القليلة الماضية التي أعقبت الجلسة !!

اللافت أيضاً أن جلسة النواب المذكورة تضمنت (20) ردّاً من الحكومة على اقتراحات برغبة تنوّعت موضوعاتها وتعددت مجالاتها واهتماماتها ، واستحوذت على جلّ وقت الجلسة تقريباً ، وكان غريباً أن يقفز بين كل تلك المناقشات والتعليقات على الردود ال (٢٠) مايتعلق بالموسيقى فقط ! وعلى النحو المجتزأ الذي ذكرته !! بل الأكثر غرابة أن اثنين من النواب فقط  هما من علّق على هذا الرد الحكومي الذي جاء على اقتراح سابق يتعلق بجعل مقررات الموسيقى اختيارية مثلما ذكرت !  

غالب الظن أن الدفع بعنوان ( النواب يطالبون منع الموسيقى ) قد تم خلطه ليغطّى على مطلب آخر وحقيقي رفعه السادة النواب بالفعل في جلستهم الماضية – وليس قبل عام – يتعلق بوقف حفلات الرقص والغناء و(الهيلوين ) المقامة حالياً تحت ( يافطة ) حفلات ثقافية ضمن المفهوم المسْخ للثقافة الذي جرى ترويجه خلال السنوات القليلة الماضية غصباً عن عاداتنا وقيمنا وخلافاً للمفهوم والموروث الصحيح لمصطلح الثقافة ، الذي لايمكن أن يلتقي بسفاهات ( الهشّك بشّك ) أو قصره على فرق رقص وسمفونيات واستعراضات يجلبونها لنا من شرق الأرض ومغاربها بدعوى الاستثمار في الثقافة .

النواب في طلبهم المستعجل قالوا بكل وضوح أنه لايصحّ أن يكون أبنائنا متواجدون في اليمن يقدمون أرواحهم ويضحون بالغالي والنفيس للدفاع عن الأمة في حدّها الجنوبي وإخواننا في سوريا والعراق يذبّحون كالنعاج وترتكب ضدهم أفظع المجازر ، آلاف الشهداء والجرحى والمشردين صورهم تملأ فضائيات وآفاق الدنيا ، والمخاطر تحيط بنا من كل صوْب  والتهديدات لاتتوقف ؛ لايصحّ أن نغني ونرقص هنا وكأننا بعيدين عن كل ذلك . والنار التي تشتعل هناك قد تصل لنا فنحن في مرماها وضمن أهدافها ، وسهامها تتحيننا . فهذا أوان رفع الأكفّ والتضرّع إلى الله وليس محاربة المولى سبحانه وتعالى بهذه السخافات والمحرّمات والحفلات الماجنة التي لاتستقيم أساسا مع ديننا الحنيف ولاتناسب موروثنا القيمي ، ولاتتوافق كذلك مع أي حسّ إنساني يرى كل هذا الفتك والقتل والدمار لأهله وإخوانه وأراضيه و- مؤخراً – استهداف مقدساته (محاولة استهداف مكة المكرمة ) ثم يستمرّ في رقصه وغنائه كأن شيئاً منها لايعنيه أو كأنه ليس معرّضاً أو مستهدفاً مثلهم . كما أن من لديه حسّ وطني لابد وأن يفزع لإعادة مفهوم الثقافة إلى مساره الصحيح وتنقيته من هذه الشوائب والمسوخ المستحدثة عليه والمحافظة على انتماء وهوية وطننا العزيز .

 

رأي واحد على “الفرق بين الإجبارية والاختيارية

  1. كلام سليم ومنطقي
    يحاربون النواب وكأنه سيتم ايقاف تدريس الموسيقى
    وفي الأخير الموسيقى مو شي ضروري يتعلمه الشخص في المدرسة
    واللي يبي يتعلم يقدر يتعلم في المعاهد الخاصة اذا ما تعلم في المدرسة

    إعجاب

أضف تعليق