المقالات

هل يتفوّق مجلس الشورى على النوّاب؟!

ربما لأسباب ما،غالبها يتعلق بضغط الشارع والناخبين ومعهم وسائل التواصل الاجتماعي وفضائها الواسع المختلط فيه الحابل بالنابل؛ تأتي الكثير من اقتراحات السادة النواب على هيئة (مسكّنات) أو (انعكاسات) آنية لاتقدّم حلولاً ناجعة وذات فائدة على المدى الطويل أو حتى المتوسط. وأكثر هذه الاقتراحات يجري تقديمها كاقتراحات برغبة غير ملزمة وجلّها غير قابلة للتطبيق خاصة تلك التي تأتي بعد إقرار برنامج عمل الحكومة الموقرة واعتماد الميزانية العامة حيث يعرف الجميع أنها حينئذ لامحلّ لها من الإعراب.

وهذا لاينفي أن بعضهم يقدّم اقتراحات بقانون متميزة وبأفكار إيجابية وتصبّ في مصلحة الوطن والمواطنين، وقد كتبت سابقاً عن مثال منها: وهو الاقتراح بقانون الذي قدّمه النائب خالد بوعنق في قانون المسنين بجعل التخفيض (50%) في جميع الرسوم الحكومية وليس بعضها.

في المقابل؛ فإن المتابع لإنجازات مجلس الشورى سيكتشف أنهم يقدّمون اقتراحات بقانون نوعية وأكثر شمولاً وتساهم في معالجة لبّ المشكلات وليس تداعياتها. فعلى سبيل المثال:

  • بينما يستمر مجلس النواب في تشكيل لجان تلو اللجان للتحقيق في الصناديق التقاعدية وتتزايد الاتهامات والتجاذبات حول تجاوزات أو فساد أو فشل أو سوء إدارة أو غير ذلك مما تسمعون وتقرأون من نقاشات صارت أقرب إلى مجرّد (التحلطم) الذي لايفضي إلى شيء ملموس؛ بينما الحال كذلك يأتي مجلس الشورى ليمسك الموضوع بشكل علمي ومنطقي وأشمل فيتقّدم باقتراح بقانون يلزم تلك الصناديق بتقديم تقريرها وحسابها الختامي للاعتماد والإقرار من قبل السلطة التشريعية. أي بمعنى كل صغيرة وكبيرة في أعمال تلك الصناديق ستكون معروضة عليهم للإقرار والاعتماد.

  • وبينما يكرّر السادة النواب بين كل فترة وأخرى مطالباتهم بمخصصات لذوي الاحتياجات الخاصّة وزيادتها أو مضاعفتها لتتناسب مع موجات الغلاء والتضخم وسدّ احتياجات هذه الفئة العزيزة في المجتمع؛ وبالرغم من أهمية هذه المطالبات ووجاهتها وتأييد الجميع لها؛ إلاّ أن مجلس الشورى قد ذهب إلى ماهو أنفع لهذه الفئة وربما أبعد من مجرّد مساعدات وإعانات حيث تقدم أعضائه باقتراح بقانون يرفع بموجبه نسبة إلزامية توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات وشركات القطاع الخاص من (2%) إلى (4%) أي مضاعفتها بنسبة (100%). وكلنا يعرف أن تعليم وإتاحة الفرصة للضعيف والمحتاج أن يصطاد السمكة خير له من أن تعطيه السمكة.

  • وبينما تتصاعد شكاوى السادة النواب – طبعاً تبعاً لشكاوى الناس – من تضخّم تكاليف استقدام العمالة المنزلية ومطالباتهم للجهات المسؤولة بالعمل على تخفيض تلك التكاليف المتزايدة؛ بينما الحال كذلك يتقدم أعضاء مجلس الشورى باقتراح بقانون لوضع حدّ أقصى ملزم لتكاليف استقدام العمالة المنزلية. 

أحسب أن هنالك اقتراحات بقانون نوعية وشاملة أخرى من السادة أعضاء الشورى؛ولاأريد الاسترسال فيها. إنما من المهم أن يدرك السادة النواب الذين نكنّ لهم كامل الاحترام والتقدير أن أداة الاقتراح بقانون هي أكثر جدوى من الاقتراحات برغبة ، وأن هنالك حلولاً تشريعية لكثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع بإمكانهم أن يكونوا فاعلين فيها ومبادرين بها وترتقي بعطائهم من مجرّد (الشكوى والتحلطم) – إن صحّ التعبير – إلى مراتب الفعل والتأثير الحقيقي والملموس،وهي من صلب صلاحياتهم واختصاصاتهم.

سانحة :

أعتقد أن هنالك حاجة متزايدة لتغيير الصورة النمطية السائدة عن مجلس الشورى، وذلك بإبراز جهوده وعطائه وصنع التفاعل المجتمعي مع اقتراحاته وإنجازات أعضائه ، ربما هناك حاجة لتطوير التعاطي الإعلامي. كما أقترح أن يفتح السادة أعضاء الشورى مجالس أو مكاتب يتواصلون مع الناس ويخدمونهم من خلالها رغم معرفتي أن كثرة من السادة الشوريين لايتوانون أبداً عن خدمة الناس والاستجابة لهم ، بل وبعضهم أصحاب فزعات في هذا المجال.

رأي واحد على “هل يتفوّق مجلس الشورى على النوّاب؟!

اترك رداً على ابراهيم إلغاء الرد