راصد

إجراءات السلحفاة

طلب منّي أحد موظفي الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي قبل نحو عام تقريباً أن أكتب في عمودي المتواضع عن طول الإجراءات والتعقيدات المصاحبة لاستكمال حصول المتقاعدين أو المستحقين عنهم معاشاتهم ومكافآتهم التقاعدية ، وبيّن لي أن بعضهم يبقى بعد إحالته إلى التقاعد شهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر بدون أي دخل شهري نتيجة هذا التأخير الذي يجري داخل أروقة الهيئة ويضطر صاحب المعاش إلى التنقل و( المرمطة ) بين المكاتب والمناضد من دون أي إحساس بما يترتب على هذا التأخير من تزايد صعوبات معيشية على هذا المتقاعد الذي يُفترض أن تتم مساعدته وبثّ التفاءل في نفسه لاستقبال حياته الجديدة بدلاً من مفاجأته بأن إجراءات تقاعده تأخذ كل هذا الوقت .

حينذاك لم أرد أن أكتب في الموضوع لاهتمامي الأساسي بالمطالبة بتحسين أوضاع المتعاقدين فيما يحصلون عليه من معاش ومكافآت تسهم في تحسين سويّة معيشتهم في تالي أعمارهم وتعيد لهم الاعتبار والتقدير اللائق بخدماتهم . كما أنه ليس لدي حالة معينة آنذاك اشتكت لي من هذا التأخير في الإجراءات حيث أني ملتزم من الناحية المهنية ألا أكتفي فقط بالنقل أو ( قيل لي ) من دون التأكد من صدقيتها لاسيما أنه لو صحّت هذه المعلومة بشأن كل هذه البيروقراطية والتأخير الذي يصل إلى حد أن يبقى المتقاعدون أو المستحقون عنهم شهراً أو شهرين أو أكثر بدون دخل ؛ فإن في ذلك مصيبة أخرى تزيد من حال الأوضاع المتردية – أصلاً – للمتقاعدين .

غير أنه شاءت الصدف أن أخوض على المستوى الشخصي تجربة إنهاء معاملة تقاعدية تتعلّق بإصابة عمل بسيطة بدأت إجراءات التعويض بشأنها في يناير 2010 لكنها انتهت في فبراير 2011م ! أي بعد أكثر من عام كامل .

كانت البداية موعد للفحص في اللجان الطبية وتقدير نسبة الإصابة ، تم قطع الموعد ابتداء في 13 سبتمبر 2011م ( أي بعد عام ونصف من الإصابة ) ! ونتيجة للمتابعة والاستغراب أو الاستنكار تم تقديم الموعد ليكون بتاريخ 10 يناير 2011م ( أي بعد عام من الإصابة ) .

بعد أسبوع واحد من مراجعة اللجان الطبية تم إرسال تقريرهم إلى الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي لإصدار شيك بمبلغ التعويض المقرر بناء على فحص اللجان الطبية. أي بمعنى أنه وصل إلى الهيئة بتاريخ 18 يناير 2011م . ثم في نهاية شهر يناير صدر الشيك لكن لم يتم توقيعه إلاّ في 13 فبراير 2011م .

ليس موضوعي هاهنا يتعلّق بالمواعيد المتأخرة للجان الطبية التي تفوق العام الواحد وأكثر ؛ فتلك في الحقيقة ( مصيبة ) إجرائية يعجز البيان عن تحليلها ووصفها وتبريرها مهما تعاضدت لها الحجج والأسباب ، لكنني أتحدث عن أنه لا يوجد أي مبرّر مقنع لأن يتأخر إصدار الشيك والتوقيع عليه داخل أروقة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي حوالي شهر كامل ، وبالضبط (24) يوماً وذلك يحدث في الوقت الذي لايكاد يمر شهر أو شهرين إلاّ ويجري الإعلان لدينا عن فوز وزارة أو مؤسسة أو جهة ما بجائزة عربية أو إقليمية أو دولية في مجالها أو مجال تابع لها ، ثم تجري احتفالية إعلامية بهذه الجائزة . حتى صرنا نتساءل بالفعل عن صدقية هذه الجوائز طالما أن إجراءاتنا في الداخل – في عصر التقنيات والاتصالات – كما السلحفاة في إنجازها وليس كالنمور والأرانب حتى نفخر بأن هنالك جوائز حقيقية استحقتها مؤسساتنا ، اختصرت الإجراءات وقضت على البيروقراطية وخففت المراجعات و(المرمطات ) . . على الأقل للمتقاعدين والمستحقين عنهم .

المخلصون والتجمع :

يحتاج تجمع الوحدة الوطنية الذي أبهر الكل بنشأته وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح والمفترض ؛ إلى كل شخص مخلص ، يقدّم خدماته وجهده مرضاة لله تعالى وحبّاً لوطنه وحرصاً على أهله وحماية مكتسباته ومقدّراته في الحاضر والمستقبل . ولا يحتاج هذا التجمع إلى من يرى فيه فرصة أخرى لتحقيق مكاسب إعلامية أو دعائية أو انتخابية أو ما شابهها من أغراض ومآرب أحسب أنه ليس أوانها وليس مكانها ، بل وصار الناس الآن يعرفونها وملّوا منها ، فقد تغيّرت المرحلة .

وكل الشكر والتقدير للإخوة الأفاضل الذين تنادوا ابتداء لقيام هذا التجمع ، وعلى رأسهم الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود والشيخ عادل المعاودة والدكتور عبداللطيف الشيخ والسيد غانم فضل البوعينين والشيخ ناجي العربي والسيد ناصر الفضالة وإخوانهم الآخرين ممن لا أعرفهم ولا يهمهم نشر أسمائهم . لكننا ندعوهم للمحافظة على هذا التجمع والنأي به عن أصحاب الهوى الإعلامي الذين ليس هذا التجمع مكانهم ، وأن يستقطبوا العقلاء والحكماء ويتجنبوا الحمقى والسفهاء والصفقاء.  وكلّما كان العمل مخلصاً لوجه الله ومبرأ من الأغراض الأخرى – التي تعرفونها – كان التوفيق والنجاح حليفاً له .

مكافأتهم :

يستحق الموقف الوطني الرائع الذي قام به المتطوعون لسدّ النقص في الوظائف التعليمية أن يتم مكافأتهم ، ولعلّ خير المكافأة أن يتم تثبيتهم فيما تطوّعوا ونهضوا له ، ولبّوا نداء الوطن في أزمته ، خاصة الخريجين الجامعيين منهم ممن كانوا عاطلين وينتظرون التوظيف . فهل تفعلها – مشكورة – وزارة التربية والتعليم وتردّ لهم الجميل بأعظم منه ؟

سانحة :

يقول الدكتور عائض القرني : ” إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته
فاعلم أنها فارغة ، وإذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته وينادي عليها فاعلم أنها كاسدة. إن كل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ. أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح” ما أكثر العربات الفارغة والبضائع الكاسدة من حولنا ..

أضف تعليق