سؤال تم طرحه عدد من المرّات إزاء أحداث ومشاهد فوضى غلب عليها الطابع الكوميدي في المسرحية الشهيرة “مدرسة المشاغبين” التي مضى على عرضها عقود من الزمان، حيث استمتع بها المشاهدون منذ ثمانينيات القرن الماضي وكادوا ينسون فكاهتها وشقاوة أبطالها لولا أن الأحداث المحزنة التي تمرّ بها بلادي العزيزة أعادتها ثانية إلى الأذهان، وصرنا نستحضر معها سؤال الممثلة سهير البابلي “ماهو المنطق؟” لعادل إمام الذي كان يتولى تمثيل دور زعامة الفوضى وتعطيل الدراسة وطرد المعلّمين و(تطفيشهم) بالإضافة إلى كونه طالباً فاشلاً وراسباً بامتياز، مع سبق الإصرار والتعمّد على النحو الذي رأيناه وتابعنا مشاغباته و”قفشاته” وحركاته الفوضوية التي كانت تستنهض بعفوية تامة السؤال المحيّر “ما هو المنطق؟”. على أن المسرحية الجديدة عندنا، بفصولها ومشاهدها، سواء المضحكة أو المحزنة؛ تفرض ذات السؤال “ما هو المنطق؟” على كثرة من التصرّفات والممارسات تعجز العقول والأفهام عن أن تجد إجابة لها. وأحاول – قدر الإمكان – ألاّ أتطرّق إليها تماشيا مع التهدئة المطلوبة وتهيئة ظروف نجاح الحوار الوطني. غير أن ما نُشر مؤخراً عن قيام بعض أولياء الأمور بالاعتصام أمام بعض المدارس احتجاجاً على إسناد مهام تدريس أبنائهم بعض المواد الدراسية لمعلمين متطوّعين، وبينوا في اعتصامهم خوفهم على مستقبل التحصيل الدراسي لأبنائهم، من حيث جودته وكفاءته؛ كل ذلك جعلني اسـتدعي المســـرحية الذائعة الصـيت “مدرسة المشاغبين” وأوجّه لهؤلاء أولياء الأمور وغيرهم ممن أصدروا بيانات احتجاج واستنكار سؤالها المعروف “ما هو المنطق؟” في أن تعتصموا وتتباكوا وتحتجّوا الآن على تعليم أبنائكم من قِبَل متطوّعين بينما خيّم عليكم صمت القبور وسكون دجى الليل وخرست ألسنتكم حينما غاب المعلّمون عن أبنائكم وأعرضوا عن تدريسهم في جريمة مهنية وأخلاقية كان المفترض أن تكون هي الأولى بالاعتصام والاحتجاج ضدّها من قِبَلِكم، فاستنكار السبب مقدّم على الاحتجاج حول النتيجة، لولا أن قدَرَنا في هذه الأيام أن نحمل في جعبتنا أو جيوب ثيابنا السؤال نفسه “ما هو المنطق؟” كلما شاهدنا مسيرة هنا أو فوضى هناك أو تعطيل للدراسة أو إعاقة لحركة المرور أو إضرار بمصالح اقتصادية أو المساس بمرافق حضارية.
سانحة:
ينظر كثير من أولياء الأمور في المحرق بإعجاب وتقدير لإدارة مدرستي الاستقلال والهداية ومعلمّيها المخلصين على حزمهما وحرصهما على المحافظة على قدسية حرم المدرسة واتخاذ تدابير تفصل بين النظام والفوضى وتعمل على إبعاد أبنائنا وفلذات الأكباد عن صور الاستغلال. فألف شكر لهاتين المدرستين وكل الهيئات الإدارية والتعليمية في شتى المدارس التي يجب عليها في هذه الأيام بذل المزيد من الجهود من أجل المحافظة على مستقبل تعليم الطلبة والطالبات..