راصد

جمعية الجمعيات أم جمعية من الجمعيات ؟!

 قبل حوالي أسبوعين ، أقل أو أكثر ، دخل شخص ما إحدى البرادات الكبيرة بمدينة المحرق ، بعد أن تبضّع وأخذ حاجته ذهب ليصطف في الطابور أمام المحاسب ( الكاشير ) . عند وصوله أخذ مكانه بكل هدوء وصمت بين الواقفين الذين صارت نظراتهم ( تتلاقط ) ولسان حالهم يسأل عن سبب تجهمه وغياب البشاشة عن وجهه ، سؤالهم الأهم لماذا لم يلق التحية كعادة الأسوياء من الناس و( سنعهم ) عندما يدخلون أو يمرّون على غيرهم .

لمحني صاحبنا هذا في الطابور فصدّ وجهه مسرعاً كمن ينتظر مني مبادرته بالسلام لكنني لم أفعل حيث تذكرّته حينما رشّح نفسه للانتخابات مرتين ، كيف كان يطوف على منازلنا ويظهر لنا في كل مكان بمناطقنا ، في المساجد والمقاهي والمجالس و… إلخ ، المصافحات والابتسامات والضحكات لاتفارق محيّاه . ورغم هذا الاستجداء الانتخابي لم يحصد من الأصوات في المرة الأولى سوى أعدادا قليلة ، يُقال حتى عائلته لم تجتمع كل أصواتها له . أما المرة الثانية فكانت قاضية لطموحاته الانتخابية ودفعته لصرف النظر تماماً عن التفكير فيها مرة أخرى بعدما عرف حجمه ووزنه وعزوف حتى المقربين عنه .

صاحبنا اختفى عن الأنظار ، وغاب عن المشهد تماماً بعد هذا الفشل الانتخابي الذي يطارده وقضى على أي أمل لديه يحقق له الوجاهة ويرضي شغفه بالزعامة والتصدّر . وتبعاً لذلك تكوّنت لديه ( ثلمة ) وعقدة نفسية تجاه جمعيتي الأصالة والمنبر باعتبارهما السبب المباشر في تحطيم أحلامه في الفوز الانتخابي في المرتين اللتين دخل فيهما معترك منافستهما وفاز فيهما مرشحهما . منذ ذلك الحين أي مصيبة أو مشكلة ، صغيرة أم كبيرة يتعرض لها في حياته أو يسهم برأيه في شأنها إلاّ ويكون لهاتين الجمعيتين النصيب الوافر من شتمه وتدليسه واتهامه لهما بكل تقصير ونقيصة حتى أنه صار يكثر في أحاديثه وكتاباته بأن هؤلاء الإخوان المسلمين والسلف بدون تاريخ في البحرين وهم نبت غير صالح وهم ينتقلون من فشل إلى فشل ، وأنه لاتيار حقيقي يتبعهم وأن الناس انصرفت عنهم وأن الناس كشفت حقيقتهم و… إلى آخره من كلام صار سمجاً ومملاً يعرف كثيرون غيري منطلقاته وأسبابه ، وربما يعذرونه .

من سوء الصدف أن يجد صاحبنا مكاناً له في تجمع الوحدة الوطنية ، فيجد فيه مغنماً وأملاً جديداً لإحياء تطلعاته من جديد دون مراعاة لكون ولادة هذا التجمع كانت كالفجر الجديد الذي انبثق في شارع أهل السنة والجماعة ، يحتاج إلى تغليب المصلحة العليا على أية مصالح أخرى ، ويتطلب نجاحه القفز على أحقاد الماضي وعداواته وثاراته ، وأن مرحلة مابعد الأحداث المؤسفة التي مرت ببلادنا تفرض على الجميع المودة والاحترام وإعادة النظر في رسم علاقات الحب والتعاون والتفكير في رصّ الصفوف وتسويتها والابتعاد عما يفرقها ويضعفها .

لكن صاحبنا لم يتعاف من عقدته النفسية ، ولم تنفع صدمة الأحداث المؤسفة التي مرت علينا في علاجها رغم أنه من خطورتها فتّحت العيون العمياء وأفاقت أقوام من سبات عميق . صاحبنا واصل تحريضه و( تخريبه ) من داخل التجمع وخارجه ، وجد له أصواتاً تسمعه ، وربما تؤيده لذات أسبابه ، فللأسف الشديد الانتخابات عملت عندنا ( الهوايل ) من حزازات وعداوات وما شابهها . بالطبع أقصد عندنا في شارعنا ، نحن أهل السنة والجماعة .

 استغلّ صاحبنا صمت الآخرين عن بذاءاته واتهاماته وتخريباته ، ليس ضعفاً وإنما مراعاة لظروف المرحلة ومتطلباتها في التجميع وليس التفريق . وكان من آخر تقليعات صاحبنا أن كتب عن مكونات تجمع الوحدة الوطنية فأسهب – بحسب ما في نفسه – في التعدي على من يكرههم ، المنبر والأصالة حيث صفّر تاريخهم ، صفّر إنجازهم ، صفّر وجودهم ، صفّر تأثيرهم ، صفّر أعمالهم ، صفّر شعبيتهم . ثم عاد فذكر بأن تياره الذي سمّاه ( العروبي ) هو الأوسع وهو الأفضل وهو الأكثر وهو … إلخ .

حزنت بشدة لقراءة كلامه ، ليس لبذاءته ، فكل إناء بالذي فيه ينضح . لكن  مبعث حزني أن صاحبنا يظن أنه لا يزال يعيش أجواء انتخابات بينما الناس في البحرين تتكلم عن مخاطر وجود ، وتريد إعادة صياغة أوضاعها بما يحميها من خطر احتلال واختطاف يُفترض أن تنهض السواعد – كل السواعد – لأجل مقاومته وردعه . وينبغي أن يقفز صاحبنا وأمثاله على خلافاته ومشاكله وأسبابه الخاصة . وينبغي عليه أن يتفهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول أولئك القوم الذين استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا : لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً . أو كما قال عليه الصلاة والسلام .

سـانحة :

اليوم ، سنعرف هل سيكون تجمع الوحدة الوطنية جمعية الجمعيات أو أنه سيتحول إلى جمعية من الجمعيات فقط ؟

رأي واحد على “جمعية الجمعيات أم جمعية من الجمعيات ؟!

  1. ألا تجد أستاذ جمال أن تجارب الجمعيات (الأم) في البحرين قد انتهت جميعها بالفشل الذريع؟ وإليك الأمثلة:

    دونك تجربة جمعية العمل الديمقراطي التي أريد لها في عام 2002م أن تضم جبهة عريضة لقوى اليسار والقوميين، ثم ما لبثت أن تشظت، فانسلخت منها جمعية المنبر التقدمي لتضم الماركسيين، ثم شكل البعثيون جمعيتهم (التجمع القومي)، وبعدها انشقت جماعة شكلت جمعية (التجمع الوطني)، والتي انقسمت إلى كيانين لاحقاً أحدهما تبلور في جمعية (عدالة) بعد أن استلحق بعض ذوي التوجهات السلفية…إلخ.

    وتجربة أخرى هي تجربة جمعية (الوفاق) التي التي كانت مظلة ضافية لجميع القوى الشيعية في بداية تأسيسها، قبل أن يؤسس التيار الشيرازي جمعية (العمل الإسلامي)، ثم ينشق الجناح المتطرف ليشكل ما يسمى بحركة حق وتيار الوفاء (غير المرخصين)…إلخ.

    هل حشد القوى السياسية السنية – على تنوع أطيافها وتوجهاتها الأيديولوجية – في جمعية سياسية واحدة سيؤدي إلى نتيجة مغايرة؟ نترقب لنرى.

    إعجاب

اترك رداً على أبو عمر إلغاء الرد