انتشرت في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني على مدار اليومين الماضيين صور وتسجيلات لأفراد من الشرطة ورجال الأمن ، إما مصابين أو يجري ضربهم وملاحقتهم من قبل المخرّبين وأصحاب أعمال الشغب الذين يحملون الأسياخ الحديدية والعصي و( المولوتوف ) . وذلك في مفارقة واضحة لشعار ( السلمية ) الذي لايزال يطرحه بعض قادتهم ورموزهم ! والمفارقة المثيرة أيضاً في هذه الصور والتسجيلات هو مقدار ( سلمية ) رجال الأمن إلى درجة سقوط إصابات في صفوفهم أو هروبهم من أمام تلك الأدوات ( السلمية ) المستخدمة ضدّهم !!
ورغم أهمية نشر هذه الصور والتسجيلات لأفراد الشرطة المصابين أو الملاحقين بالنسبة لفضح هذه السلمية المزعومة ؛ إلاّ أنني – كغيري – أعبّر عن حزني العميق أمام هذه الجرأة على الأرواح واستحلال الدماء على نحو الإفتاء بإهدارها . فهذه الصور وإن كانت في حقيقتها تفضح تلك الورود التي كانوا يقدّمونها لهم ويروّجون لها قبل عدّة أشهر ، ويعلنون – ولا يزالون – سلمية حراكهم ؛ إلاّ أنها تمثل تعبيراً واضحاً عن الحالة التي وصلت لها هيبة ومكانة رجال الأمن والشرطة في وطننا العزيز فضلاً عن إسهامها في الإساءة للسمعة الخارجية للأمان والاستقرار بهذا البلد الذي يمكن أن يُضرب فيه حُماته على هذا النحو المهين ويتم استهدافهم على نحو مارأيناه وتابعناه . ويمكن تعزية ذلك لأسباب عدّة لعلّ أهمها هو عدم الحزم في تطبيق القوانين وتحقيق ردعيّتها .
وإزاء ذلك – أرجو أن يسمح لي بعض من سيخالفونني رأيي – قد أرى عدم نشر تلك الصور والتسجيلات المتعلقة بالاعتداء على رجال الشرطة أفضل من نشرها لما قد يتسبب نشرها من إساءات تتعلق بزيادة مقدار الفزع والهلع لدى الناس ، وقبل ذلك الإحباط الذي قد يصيب رجال الأمن أثناء ممارستهم لمهامهم المناطة بهم ، إذ سيكون – ربما – التردد والخوف من التعرض لنفس المآل لايغيب عن أذهانهم ولايغادر مخيلتهم ، فللصورة المنشورة تأثيراً أكبر من الكلام المنقول خاصة وأن هذا الشرطي الذي يتعرّض لهذه الطريقة الفضة والمهينة يُفترض أو يُتوقع أن يكون هو آخر واحد يمكن أن يتعرض للاعتـــداء والضرب والملاحقة.