نافذة الجمعة

( الكباتن والمدراء )

يُذكر في قصص الإدارة وحكايات الموارد البشرية والخطط الاستراتيجية أن العرب واليابانيين اتفقوا خلال فترة من الفترات على تنظيم سباق سنوي للتجديف ، حيث جهز العرب فريقهم ليتقابل في السباق مع الفريق الياباني ، على أن يتكون كل فريق من ثمانية أشخاص . عمل كلا الفريقين جاهدا  للاستعداد بشكل جيد، وعند اليوم المحدد للسباق كانت تجهيزات الفريقين متشابهة ، ولكن اليابانيين فازوا في السباق بفارق ميل واحد .

      استشاط العرب كثيرا ، وانفعلوا وتعكّر مزاجهم ، مما جعل المدير الأكبر يقرر بأنه يجب أن يفوز بالسباق في السنة القادمة ، ووعد ثم توعّد أن يحقق هذا الفوز الثمين . فأعلن عن تشكيل لجان وفرق من المحللين لملاحظة ومراقبة السباق وتقديم الحلول المناسبة والمفضية لأن يحرزوا الفوز ويتفوقوا على منافسيهم ويردوا الصاع صاعين . وبعد التحليل والدراسة اكتشفوا بأن اليابانيين ، كان لديهم (7) أشخاص للتجديف ويقودهم كابتن واحد ، وفي المقابل كان لدى الفريق العربي (7) أشخاص كلهم كابتن وهناك شخص واحد يتولى عملية التجديف .

    وأمام هذا التباين والاختلاف الذي أظهرته نتائج الدراسات والاستشارات ، ومن أجل مواجهة مثل هذا الموقف الحرج وتجاوز هذه الإشكالية  ؛ تقرّر الاستعانة بشركة استشارات متخصصة لإعادة هيكلة الفريق العربي بما يتناسب مع طموحات تحقيق الفوز وردّ الاعتبار.

     قامت شركة الاستشارات بتحضير تحليل جديد أظهر بأن (الاستراتيجية) كانت جيدة، والحوافز كانت مناسبة ولكن الأدوات المستخدمة يجب تطويرها . وبعد فترة زمنية معينة توصل المستشارون إلى مكمن الخلل ، وهو وجود عدد كبير من ( الكباتن ) وعدد قليل من المجدفين في الفريق العربي، وتم تقديم الحل بناءً على هذا التحليل ، وهو أنه ينبغي تغيير البنية التحتية والإدارية للفريق العربي . واقترحوا أن يكون هناك (4) كباتن في الفريق يقودهم مديران بالإضافة إلى مدير عام رئيسي أعلى ، ويكون هناك شخص واحد للتجديف ، وبالإضافة إلى ذلك اقترحوا أن يتم تطوير بيئة عمل الشخص المجدف، وأن يقدموا له حوافز أعلى .

       في السنة التالية ، عند الموعد المحدد ؛ فاز الفريق الياباني أيضاً بفارق (2) ميل !! حينها قررت إدارة الفريق العربي استبدال الشخص المسؤول عن التجديف فوراً ، بسبب أدائه غير المرضي وتم تقديم مكافأة تشجيعية للإدارة ( الكباتن والمدراء )، نظراً لمستواها العالي الذي قدمته خلال مرحلة التحضير والتخطيط للسباق !!

     وعلى مايبدو فإن هذه العقلية في التخطيط والإدارة في بلداننا العربية لاتتعلق فقط بالسباقات والمهرجانات الرياضية وإنما هي موجودة في مختلف الوزارات والمؤسسات والهيئات حيث يمكن الانتقال من فشل إلى فشل دون الإحساس بمكامنه وأسبابه الحقيقية . وأن مايجري تقديمه من إنجاز لايتناسب مع الطموحات مثلما لايُقارن بالأموال المهدورة عليه ، لا لشيء سوى حب الزعامة والمناصب حتى أن المنصب الواحد في المؤسسة الواحدة يمكن أن يولد أو يُستخرج أو ينقسم منه عدة مناصب في مستوى ( كباتن ) فريق التجديف العربي الذي بات يخسر السباق السنوي للتجديف مرّة بعد مرّة من دون أن يستطيع وضع يده على أسباب الخسارة ، وذلك بالرغم مما ينفقه على مراكز الاستشارات وبيوت الخبرة لتحقيق الفوز .

أضف تعليق