المرزام في اللغة هو العصى القصيرة وجمعه مرازيم . لكنه استقر في موروثنا الشعبي أنه عبارة عن أداة تُصنع من الحديد أو الخشب تُستخدم لغرض تصريف مياه الأمطار من أسطح المنازل ، وغالباً ما يكون على شكل دائري ويكون طوله حوالي متر واحد . ويصعب أن تجد بيتاً من بيوت (زمان لوّل) من دون أن تكون هذه المرازيم علامة ظاهرة وبارزة من أسطح منازلهم حتى أن آباءنا وأجدادنا كانوا يقولون في فوازيرهم وألغازهم : ماهو الشيء الذي لحيته في البيت ورجليه في السوق ؟ وبالطبع الجواب هو المرزام .
وكان أيضاً من عادات (زمان لوّل) أنه حينما يقترب حلول الشتاء وموسم الأمطار يقوم أهل البيت بعملية يسمونها (فتح المرازيم) وذلك بفحصها وصبّ الماء فيها وتجربة نزوله والاطمئنان على أنها سالكة وغير مسدودة ترقباً لهطول الأمطار وتحسباً لعدم تجمعها في أسطح المنازل . ولذلك كانت قوّة المياه الساقطة من المرازيم شديدة جداً بحيث صارت مضرباً للأمثال الشعبية ، ومنها قولهم :” فرّ من المطر ووقف تحت المرزام ” وهو يُطلق على من فرّ من شدّة فيقع فيما هو أشدّ منها أو من يهرب من قوم فيقع في أيدي قوم آخرين هم أشد فتكاً وأقلّ رحمة وأوغر صدوراً.
مع تطوّر العمران ؛ بدأت تزول أو تقلّ هذه المرازيم من بيوتنا وأصبح من النادر تقريباً مشاهدتها خاصة في المناطق الحديثة التي استغنت عنها أو بالأحرى استبدلتها بطريقة أخرى يمتد بموجبها المرزام داخل الجدار من أعلى السطح إلى أرضية البيت ( الحوش ) والآن تم توصيله مباشرة مع المجاري ، فلا يُرى أثر لنزول المطر من المرازيم مثلما لاتُرى بالبتّة هذه المرازيم التي كانت في يوم من الأيام أحد معالم البيوت وأحد الألفاظ الدارجة والمتداولة عند عموم الناس وأيضاً المعبرة عن أمور – ربما – تتجاوز مسألة مجرّد وسيلة لتصريف المياه حيث صاروا يقولون : افتحوا المرازيم للبخلاء ويقولونها كذلك للمعاندين أو قليلي الفهم ( الاستخدام المهذب لكلمة أغبياء) أو مسدودي الأفق أو ضيقي الصدر أو ما شابههم مما يحتاجون إلى إزالة رواسب أو شوائب يضمنوا بعدها تطويرهم وزيادة فهمم ورفع أفقهم.
سانحة :
لم يعد سرّاً أن الكثير من الناس صاروا يضعون أيديهم على قلوبهم كلما سمعوا أخباراً أو تقارير أو رسائل من هنا أو هناك عن تراكم سحب ومنخفضات جوية وهطول أمطار رعدية غزيرة ، ويكون لسان حالهم بالإضافة إلى الدعاء النبوي المأثور ” اللهم صيباً نافعاً ، اللهم حوالينا ولاعلينا ، اللهم على الآكامِ والظرابِ وبُطون الأودية ، ومنابت الشجر” يقولون ” اللهم سلّم ، اللهم سلّم” وذلك بالرغم من أن الأمطار عادة ما تبعث على السعادة والسرور وغالباً ما تكون زخّاته نسائم خير وفرح.