المقالات

مجلس الشورى .. رمّانة الميزان

حضرت قبل بضع سنوات جانباً من لقاء هو أشبه بجلسة حوارية لمعالي الفاضل المكرّم علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى مع عدد من الضيوف المسؤولين المتدرّبين من بعض الجهات الرسمية،وبعد الانتهاء من الشرح أو البيان الدستوري والقانوني لأدوار واختصاصات مجلس الشورى؛ تحدّث رئيس المجلس فأوجز – فيما أذكر – وصفاً جميلاً لمكانة مجلس الشورى فقال أنه هو رمّانة الميزان؛ مبيّناً أن أعمال مجلس النواب قد تكون انطلاقتها نابعة أكثر ماتكون من ضغط ورغبات الشارع الذي انتخب نوّابه بينما أعمال مجلس الشورى تحرص انطلاقتها على تحقيق التوازن بين تلك الرغبات ومقتضيات الواقع والمصلحة العامة.

وبالطبع كان في ذلك تفصيلات وحوارات شيّقة حينذاك لكنّي أعتقد أن هذا الوصف دقيق جداً وينبغي نشره والبناء عليه من أجل تغيير الصورة النمطية الخاطئة السائدة عن دور مجلس الشورى حيث أن أي متابع ومراقب لأعمال المجلسين سيدرك أن المجلس النيابي بالفعل واقع تحت ضغط الناخبين واحتياجاتهم المعيشية، الأمر الذي يدفع السادة النواب – كما ترون- إلى إغراق المجلس بعشرات وربما مئات الاقتراحات برغبة، سواء العادية أو المستعجلة التي ربّما يعرف الجميع أن غالبها صعبة التنفيذ بينما يتجه مجلس الشورى أكثر إلى الاقتراحات بقانون التي هي أقرب إلى الدور الحقيقي للسلطة التشريعية وربما تكون فائدتها المجتمعية أكثر من تلك الاقتراحات برغبة الكثيرة التي تهدر الجهد والوقت وقد لايكون لها تأثير يُذكرْ.وبالتالي فإن مجلس الشورى عندنا هو بيت خبرة حسبما يجري التعبير عنه في غالب دول العالم التي تأخذ بنظام المجلسين ، وهو رمّانة ميزان حسب تعبير رئيسه.

ومناسبة كلامي هذا هو موافقة الحكومة الموقرة مشكورة على اقتراحين بقانون مقدّمين من مجلس الشورى يتعلقان بوجوب عرض الحساب الختامي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي والحساب الختامي للتامين ضد التعطّل على مجلسي الشورى والنواب لاعتماد هذين الحسابين. حيث أن هذين الاقتراحين من الاقتراحات النوعيّة المميزة التي ستبسط رقابة السلطة التشريعية بغرفتيها على أعمال التأمينات الاجتماعية وصندوق التعطّل وستنهي الجدل وحالات ( التشكيك) وربما تنهي حتى لجان التحقيق المتكررة حول التأمينات الاجتماعية لأنها بكل بساطة ستعرض أعمالها ونتائجها بكل شفافية وبشكل قانوني وملزم وواضح على المجلسين لاعتمادهما.

وسوف يُحسب لمجلس الشورى هذين الاقتراحين الهامين ضمن اقتراحات بقانون نوعيّة أخرى قدّمها الشوريون على مدار السنوات السابقة أسهمت في تحسين المنظومة التشريعية وتطويرها بما يحقق الطموحات الوطنية ويلبي رغبات الناس ويحفظ المال العام من خلال استخدامهم لأدواتهم وصلاحياتهم المقررة دستورياً بكل فاعليّة وجدّية ناجحة وبعيدة – ربما – عن أجواء الاستهلاك الإعلامي التي أعتقد أنها أرهقت الغرفة التشريعية الأخرى ونتمنى أن لاتبعدها عن أجواء الفعل الحقيقي والملموس.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s