راصد

أروح لمين

هو عنوان مسرحية يجري عرضها منذ أيام عيد الفطر السعيد ، وتلاقي إقبالاً جماهيرياً – ربما – غير مسبوق حيث يجري تمديد عرضها بناء على زيادة الطلب عليها حتى وصلت إلى يوم الجمعة (غدا) ويُرجح أن يمتد لأكثر من ذلك بسبب النجاح الذي باتت تحققه على مستوى التمثيل والإخراج ، والأهم الفكرة التي تطرحها .

من يقوم على هذه المسرحية هو مسرح البيادر الذي استطاع خلال السنوات القليلة الماضية أن يشق طريقه إلى عالم هذا الفن الجميل ويقدّم نماذج أعمال فنية متنوعة في أهدافها ومجالاتها ، تميزت بجدية طرحها وأفكارها مع إضافات كوميدية لاتطغى على مضامينها ولا تصل إلى حد التهريج أو الإسفاف الذي صار في الآونة الأخيرة عنواناً لمسرحيات بلاهدف أو مضمون سوى هذا ( التنكيت) والكوميديا السمجة مما لاعلاقة له بالقيمة الفنية للمسرح .

مسرح البيادر يقوم عليه نخبة من الشباب ، قد يكون أغلبهم غير معروفين في عالم التمثيل حتى الآن ، لكنهم في الحقيقة صاروا – أو كادوا – خلال السنوات القليلة الماضية هم الوحيدين على هذه الساحة ، وأن المسارح القديمة أصبحت بلا أنشطة أو أعمال فنية تُذكر.

وعلى العموم فإن مسرحية ( أروح لمين ) التي تمتلأ لها الصالة الثقافية عن بكرة أبيها من الجمهور الذي يدفع قيمة تذاكر دخول ، أي ليست مجانية ؛ تحمل فكرة تلامس واقع معاناة مجتمعية كبيرة تختص بالمشكلة الإسكانية وسنوات الانتظار الطويلة وقوائمها الألفية . كما أن المسرحية في فكرتها العامة لاتنتقد البيروقراطية وروتين الإجراءات والمتابعات المميت في الإسكان فحسب وإنما هذه ( المرمطة ) هي حالة عامة في كثير من الوزارات والمؤسسات الخدمية ، يتعب فيها المراجعون والموظفون على السواء مثلما أنها تجمّد الإحساس بالتطورات الرهيبة في عالم تخليص الإجراءات والمعاملات وتجعل من هذه ( المرمطة ) سواء في الحصول على ( بارك ) أو الازدحام على المناضد وطوابير الأرقام والتعطيل والتعقيد وأيام الانتظار والعودة للمراجعة وماشابهها من مشاهد رأينا أغلبها في مسرحية ( أروح لمين ) ؛ تجعلها منها أموراً عادية وقدراً طبيعياً نعيش معه ، ونشكو منه لكنه حتمي لايتغير .

بقي لنا بالإضافة إلى شكرنا للقائمين على هذه المسرحية المميزة ؛ أن نتساءل عن سبب عرض هذه المسرحية على الصالة الثقافية وليس المسرح الوطني القريب منها ، والذي تم افتتاحه قبل حوالي عام واحد ، فهو أوسع وأرحب . وهل صحيح أنه تم تخصيصه لبعض الفعاليات التي تعرفونها ويجلبونها من الشرق والغرب بينما تغيب عنه فعالياتنا ومسرحياتنا الوطنية مع أن مسماه ( المسرح الوطني ) ؟!!

أضف تعليق