وداعاً أخبار الخليج · المقالات

وداعاً أخبار الخليج

nnn

حاولت طوال الأسبوعين الماضيين أن أخفي على قرائي الكرام سبب انقطاعي عن الكتابة في عمودي راصد بأخبار الخليج ، وكنت لاأستطيع إعطائهم إجابة وافية لاستفساراتهم الكريمة خاصة أولئك الذين اعتادوا على التواصل معي بشكل شبه يومي بشأن ما أطرحه في عمودي المتواضع . في الواقع كان امتناعي عن بيان السبب مرده إلى قناعتي التامة في أن ماقيل لي عن مبرر إيقافي عن الكتابة لا يستحق أن يُعلن ويُقال ! أو على الأقل لا يمكن أن يتفهمه جمهور القراء الكرام ويصعب الاعتداد به لإيقاف كاتب عمود صحفي يومي في جريدة محترمة وعريقة أمضى فيها أكثر من ثلاثة عشر عاما فضلا عن بدايات تدريبه الجامعي الذي قضاه في أروقتها وتتلمذ بدايات ممارسته الصحفية على يد صحفييها الذين لازلت أحفظ لهم مكانتهم وتقديرهم.

وكان ترددي عن الإفصاح أني موقوف حتى إشعار آخر يرجع أيضا إلى طبيعة غالبة في شخصيتي ، تجنح إلى الصمت والهدوء والتروي ، ولاترفع الشكوى إلا إلى المولى تعالى ، مهما بلغ الظلم والإساءة الواقعة ، فعنده سبحانه القسط لايميل . ناهيك عن حرصي على الوفاء إلى هذا المكان الذي ترعرع فيه قلمي الصحفي لأكثر من عقد من الزمان ، تعرفت من خلاله على شخصيات من مختلف المستويات ، وقراء أفاضل شملوني بثقتهم الغالية ، تواصلت بحبّهم ، ساهمت في عرض قضاياهم وتشرفت بحل بعض مشكلاتهم وفرّجت بعض كربهم وحاجتهم . ونلت رسائل شكر وثناء لاأنساها ، هي محل فخر واعتزاز كبير كرسالة معالي المشير الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة الدفاع عام 2011م ، وحصلت على تكريم ثمين وأثير هذا العام من لدن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر في يوم الصحافة البحرينية سيبقى كما الوسام الرفيع الذي أحفظه لأبنائي.

تأخرت على هذا الإعلان – رغم كثرة السؤال – لأني كنت أتمنى أن يتراجع صاحب قرار الإيقاف عن قراره ويكتشف أن مسؤوليته تنحصر فيما ينشره الكاتب في صحيفته ولاتتعدى هذه المسؤولية إلى المدونة الخاصة للكاتب ! علما بأن كثرة من الصحف تعلن في أعلى صفحات الرأي فيها ” بأن مايكتب فيها من آراء لايعبر بالضرورة عن رأي الجريدة ” وذلك حرصاً وإعلاء للتنوّع والتعددية التي هي من أهم القيم الأساسية وأقوى السمات البارزة في الإعلام المعاصر.

وقد اعتدت منذ سنوات عديدة في عمودي الصحفي راصد أن أنشر موضوعه بالتزامن في أخبار الخليج ومدونتي الخاصة وحسابي الشخصي في فضاء الانترنت ، وأن مالم تسمح أخبار الخليج بنشره كموضوع في عمودي راصد على متن صفحاتها ؛ يراه قرائي الأعزاء في مدونتي الخاصة . وحينذاك يكون – ربما – انتشاره أوسع باعتبار أن المنع يثير الشغف أكثر ، ولاشأن لي بعد ذلك بكيفية نقل الناس للموضوع الممنوع نشره إلى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وتعليقاتهم عليه أو على سبب منعه من النشر أو ماشابه ذلك . علماً بأني لست بدعاً أو وحيداً في نشر مالم تسمح الجريدة بنشره ، حيث يشاركني في ذلك بعض كتّاب أخبار الخليج نفسها ، وهو أمر معمول به في داخل البحرين وخارجها ، لم تحرّمه اللوائح ولم تجرّمه القوانين .

بتاريخ الأول من الشهر الحالي منعت أخبار الخليج نشر موضوع عمودي راصد الذي كان بعنوان ” ربما حتى لو صارت بالمجان ”  تناولت فيه عددا من الملاحظات التي يتداولها عموم الناس عن الشركة المسؤولة عن استيراد اللحوم الأسترالية وعدم جودة هذه اللحوم وحجم احتكارها ، وهذه الملاحظات عادية جداً ، قد تم تداولها في الصحافة وأعمدتها كثيراً خلال الفترة التي أعقبت رفع الدعم عن اللحوم ، وغالبها – الملاحظات – قد قيلت أيضا في برنامج بثته القناة الفضائية البحرينية . وكما هي العادة أخذ موضوعي الممنوع من النشر مكانه في مدونتي الخاصة ، أكرر في مدونتي الخاصة . غير أنه بعد يومين أتفاجأ بأن رئيس التحرير – الذي أكن له الاحترام والتقدير – قد اتخذ قراراً بوقفي عن الكتابة حتى إشعار آخر لسبب الموضوع المنشور في مدونتي الخاصة وليس الجريدة ! أبلغوني القرار بالهاتف ! من دون مساءلة ومن غير تحقيق !!

بذلت مافي وسعي لبيان أن النشر في المدونة الخاصة ليس في نطاق مسؤولية الجريدة لكن دون جدوى . بعدها تفاجأت أيضا بتسليط ما أستحي ذكره !

بمعنى أنه تم إيقافي عن الكتابة الصحفية عن موضوع غير منشور في الجريدة ، أكرر غير منشور في الجريدة  !! من غير مساءلة أو تحقيق ، وذلك بعد عطاء ورصيد صحفي ناهز الثلاثة عشر عاما . وبالتالي لاتسألوا عن القانون واللوائح ، وعن الكرامة والحماية والاعتبار ، وعن الاحترام والتقدير ، وعن الحقوق والضمانات . لاتسألوا : لماذا يتنامى الإحباط عندنا حتى صار كما الظاهرة الجائحة ، تُمحى مكانة الناس ويُنسى فضلهم ويُتنكر لعطائهم وجهدهم بجرّة قلم ، أو بتصفية حسابات ، أو بتحريض ظالم ، أو بوشاية غادر ، أو بمكر غاشم .

أعرف أن السبب صادم وغريب ومحبط ، فهذا الإيقاف وطريقته لاتتناسب مع هذه المخالفة ( إن صحّ وجودها ) . وأعرف أن قراري صعب ولكن كرامتي فوق ذلك خاصة أن ( جريدتي ) تركتني نهشاً لإشاعات المغرضين وبذاءات الأنذال ، كما أني لاأحتاج أن يُقال لي ( أريد تأديبك ) ! لا أحتاجها منه أو من غيره أو ممن هو أكبر منه ، فقد وفّى تربيتي وأحسن تأديبي تاج رأسي ، والدي رحمه الله .

 ولم يكن بودّي أن أبوح بذلك السبب المعيب لإيقافي – وهو بالمناسبة معيب للجريدة ولحرية التعبير – لولا أن لدي قراء ومتابعين أحباب افتقدوني وسألوا عني ، وتسرّبت  إلى أسماعهم أنباء صار لزاماً عليّ تبيانها بلا زيادة أو نقصان ، وحتى لايضاف عليها ملح أو سكّر أو تلحقها ( بهارات ) يتمناها بعضهم.

 كل الشكر والامتنان لأخبار الخليج ، كل أسرة أخبار الخليج ، كبيرهم وصغيرهم . لايمكنني أن أنسى سنواتي فيها بسبب حادث عابر لاأملك في الواقع كل دوافعه وتفاصيله ، ويصعب علي الاقتناع بما قيل لي عنه من أسباب .

سانحة : 

في كثير من الوزارات والمؤسسات والشركات والهيئات حينما تبحث عن سبب فشلها أو تواضع إنجازها أوتفاقم ضعفها أو تأخرها ؛ تكتشف من جملة الأشياء أن أصحاب القرار فيها قد تخلوا عن إحدى أذنيهم ، وسلّموا ناصيتهم لمنافقين ومتمصلحين ، يضللونهم ، ويجمّلوا لهم القبْح ، ويحوّلوا لهم الأسود بياضاً ، ويكرّروا لهم أن ( كل شي تمام ) قبل أن يتفاجأوا بأن ربّ العالمين قد خلق لهم الأذنين مثل كفتي الميزان ، اختلال إحداهما أو التخلّي عنها ؛ نتيجته طغيان وسوء مآل .

32 رأي على “وداعاً أخبار الخليج

  1. لقد تأثرت و صدقني شعرت بالألم في كل حرف و فاصلة و تشكيل سطرته في هذه المدونة ، انا لا اقرأ الجريدة كثيراً هذه الايام ولكنني اعرفك ، اعرف وجهك المشهور في عامود الجريدة واسمك المعروف اعرف انك كاتب قديم وكما ذكرت ان مسيرتك تمتد الى ١٣ سنة ، انني حزين ان اسمع هذا الخبر و غضبي ممزوج بيأس من هذا الواقع الذي وصفته و هذه التصرفات الادارية التي من الغير الممكن ان يكون بها مبرر ، اذا لم يخب ظني فان رئيس التحرير حسب اعتقادي انور عبدالرحمن وانا احترم عقليته كثيراً و لكنني استنكر مثل هذا التصرف الغريب منه ، وختاماً انا ايضاً اعاني في عملي الحكومة من مسؤول يظن انه دائماً على حق بالرغم من انه على نقيض الحق تماماً ولكن لا وجود لاحد يحاسب او يراقب و الشكوى لله ،

    واما بالنسبة عن ما صادفك يا استاذي الكريم فاتمنى ان يكون امر عارض وينتهي واعتقد انه قرار اداري يحمل وجهك نظر معينة ولكن صدقني لا تشعر بان هذا الامر ينتقص من تاريخك او منك فانت كما اسلفت غني عن التعريف و اسمك اشهر من نار على علم و تاريخك الصحفي لا يمكن محيه بمثل هذه التصرفات

    دمت بود و احترام

    إعجاب

  2. يا أستاذنا الكبير.. ما زادك هذا القرار الظالم إلا رفعة عند الله وفي قلوب الناس..

    وفي السماء نجومٌ لا عدادَ لها

    وليس يكسفُ إلا الشمسُ والقمرُ

    إعجاب

  3. كانوا يظنون في البداية اننا عبيد لهم ننفذ اوامرهم فقط
    ثم احسوا ان هناك غير العبيد فطلبوا منهم ان يكون عبيد وألحوا عليهم ليل نهار ان يكونوا لهم عبيد حتى صدقوا بأن الناس كلهم عبيد

    الان هم يعاملونك اخي بانك عبدا لهم ولم يفهموا ذلك لانهم عبيد …

    ولم ولن يفهموا ذلك ففاقد الشي لا يعطيه وسيظلوا يتغنون بالحرية )الحرية الصغيرة التي يعتقدون انهم يملكونها(
    عرفتاك عزيزا وستظل عزيزا وقلمك مرفوع
    فلاتأبه بهم وليست خسارة عدم الكتابة في هذه الجريدة
    هميالك التحرر

    إعجاب

  4. كل الأحترام و التقدير لك أخي جمال… هم في الواقع خسروك كما خسروا شريحه كبيرة من القراء… انت على الأقل لم تتنازل عن مبادءك و أحترامك لقراءك وقلمك.
    لك من كل التقدير و الأحترام

    إعجاب

  5. لعله خير يا أستاذ
    شكرا لشعورك النبيل في احتواء مشاكل الناس والتعبير عنهم بروح الإنسانية.

    وسخر الرحمن لك أبواب خير من حيث لا تحتسب

    إعجاب

  6. لعله خير لك علمنا الكبير ..
    ولعل من ظلمك وافتری عليك أحس بحجمه الحقيقي أمامك
    ولعل أمورا كثيرا لا يعلمها إلا الله قد خرجت من مستنقع واحد
    ولعل نظافة عقلك وفكرك وقلبك ووطنيتك لم تعجبهم فتألموا لطهرك
    فلا تبتأس أخي الكريم فكل أمر المؤمن له خير
    كتبت فآبدعت وأوجعت
    وفقك الله لما فيه صالح وطنك وصالح المسلمين

    إعجاب

  7. عندنا وعندك خير يا بو فيصل.
    والجرائد الأخرى في بلادنا لا تختلف كثيرا. وأنا آخر معاناتي كانت مع البلاد التي تجعلك بسبب سلبية رئيس تحريرها تزهد في الكتابة مطلقا وليس في جريدتهم فقط
    الله يعينك ويعوضك عنهم خيرا.
    أخوك المحب
    بو ريان
    إبراهيم بوصندل

    إعجاب

  8. لا أعتقد بأن القرار اداري ، في ايدي أخرى كان لها تأثير في اخذ القرار. و لكن يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين.

    إعجاب

  9. عسى ان تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم وعسى ان تحبوا شيئاً وهو شر لكم …
    لم اقرأ مقالاتك كثيراً ولكن قرار ايقافك ان صح دليل على تميز قلمك وفكرك

    إعجاب

  10. قدر الله وما شاء فعل لعلها خيره من الله فقد كنت صوت المواطن وهمومه اليومية جوال الله خير

    إعجاب

  11. لاتملك الا ان تقول حسبي الله ونعم الوكيل وكفى..

    في هالزمن مايبون الصريح والمخلص لكن يبون المنافق والمصلحجي.. 👎

    إعجاب

  12. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    سبب إيقافك واضح وضوح الشمس أستاذ جمال..
    السبب بكل بساطة هو تعلق مقالك غير المنشور بأحد المقربين من مسؤول رفيع المستوى في الجريدة، وهو من الذين لا يتحملون النقد ويعتبرونه قدحا شخصياً فيهم.
    للأسف هذا ديدن أخبار الخليج وقد خسرت الكثير من الكفاءات الممتازة بالطريقة نفسها وربما بأسوأ منها.
    بإذن الله لن تضرك مغادرة أخبار الخليج.. ولكنهم سيخسرون من جديد أحد كوادرهم المميزة.

    إعجاب

  13. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    يعطيك العافية يا الغالي وهذا دليل على أن أهل السنة الشرفاء الذين يقولون كلمة حق يحتاجون إلى جريدة خاصة بهم غير الجرائد الموجوده التي أصبحت صوت لبعض الأصوات وليست للجميع وأتمنى أيضا أن يكون لباقي كتاب أخبار الخليج موقف يشهد له التاريخ .

    أخي إن شاء الله الخير أمامك فهو ليس ببعيد

    إعجاب

  14. الله يكون في عونك اخي الكريم لطالما كنت الكاتب الذي احببت ان اقرا له
    من ناحيني لا لاخبار الخليج دام لن يكون لك عمود
    كل الاحترام والتقدير لك

    إعجاب

  15. كل حرف سطرت به كلماتك لها عظيم الاثر في داخلنا ولزام علينا ان نكون معك حتى ولو معنويا لانك كنت معنا وملامس لمعانتنا ومعاناة الكثير ممن كانوا يعانون بصمت ؛ لعلها خيرة اخي الكريم وانت لا تعلم خفاياها انت في الارض تفكر ولكن اعلم ان في السماء من يدبر اترك حمولك على رب العالمين ولن يخذلك ابدا

    إعجاب

  16. ولرب ضارة نافعه كاتبنا العزيز جمال زويد نطالبك بفتح جريده تكون انت رئيس تحريرها لك شعبيه كبيره انت إنسان محبوب عند الجميع مبدئيا أقول لك مبروك

    إعجاب

  17. أخبار الخليج تتابع خسارتها لأقلام مميزة ، كانوا هم من جعل منها الجريدة الرائدة في البحرين، حقيقة لم تعد جريدة أخبار الخليج كالسابق ، تغيرت كثيراً وللأسف للأسوء.
    نحن نعتز فيك أستاذ وفي قلمك المخلص والشريف والناصح. ودائماً ما تشدنا كتاباتك وحبك وغيرتك على وطنك ، عوّضك الله خيراً و وفقك لما يحب ويرضى.

    إعجاب

أضف تعليق