المقالات

جائزة أفضل وزير في العالم

منشور في  جريدة الشبيبة العمانية http://bit.ly/2morLEU

الهافينغتون بوست – عربي http://huff.to/2n98beh

كثيرة هي مدن العالم التي يمكنها أن تتميز في مجال ما – أي مجال- ويبقى هذا المجال رديفاً لاسمها ومرتبطاً بها، غير أن إمارة دبي الواقعة في وسط الخليج العربي قد جمعت مع اسمها أنواعاً شتى تميزت بها بصورة يصعب معها تحديد أيها المرتبط بها أكثر حتى قيل إن التميز ذاته قد ارتبط بإمارة دبي.

ولذلك أصبحت محطة جذب واستقطاب لمختلف المشروعات والمعارض الضخمة التي لا تتحصّل على إمكانيات نجاح وتسهيلات انطلاق كالتي تتوافر لها في هذه المدينة الرائعة التي فاقت المدن في تطورها ونهضتها.

ومما يميزها أيضاً هي المبادرات التي تطلقها الدولة وتتبنى رعايتها وتدفع انطلاقتها؛ ليكون صداها ملء الآفاق، ومن ذلك تنظيمها لـ”القمة العالمية للحكومات” التي انعقدت منتصف شهر فبراير/شباط الماضي في دورتها الخامسة كأكبر تجمع حكومي سنوي عالمي، حضرها ما يقارب 4000 شخصية من 138 دولة، وتحدّث فيها حوالي 150 متحدثاً ما بين خبراء ووزراء ومختصين في عدد من القطاعات ذات الشأن الحيوي في مهام وأعمال الحكومات كالتعليم والصحة والعمل… إلخ.

هذه القمّة المتميزة التي يرعاها منذ بدايتها عام 2013م ويحضر أعمالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تستهدف في المقام الأول تسليط الضوء على أكثر تحديات العالم الملحَّة وتستعرض أفضل الممارسات والحلول العصرية للتعامل معها من خلال تجارب ونماذج طُبّقت بالفعل أو أنها قابلة للتحقيق، ولعلّ ذلك من الصفات والنتائج البارزة لهذا التجمع الحكومي الدولي.

على أن للقمة الحكومية العالمية إنجازاً آخر يضيف لتميزها بعداً مهماً لا يمكن إغفاله، فالاهتمام بالإبداعات وتكريم الابتكارات مرتكز أساسي لإعلاء قيمة النجاح، ولا بد أن يُحسب التكريم في هذه القمة ضمن مخرجاتها؛ حيث خصصت منذ دورتها السابقة جائزة لأفضل وزير على مستوى العالم، وذلك تكريماً للأداء والمبادرات الحكومية المتميزة التي تسهم بالارتقاء بالعمل الحكومي ويكون لمشروعاتهم نتائج إيجابية ملموسة على حياة المواطنين والمجتمع.

وقد نالت هذا العام السيدة أوا ماري كول سيك، وزيرة الصحة في جمهورية السنغال، لقب أفضل وزير في العالم، وقام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتتويجها بالجائزة خلال أعمال هذه المنصّة العالمية.

الوزيرة الفائزة أوا ماري كول سيك هي (ابنة) تخصصها، وليست طارئة عليه، حصلت على شهادة الدكتوراه في الطب عام 1978، وأصبحت أول امرأة سنغالية تعتمد في مجال الطب، وأصبحت رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس إتش آي في “الإيدز” عام 1989، وقضت 5 أعوام ضمن برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، ثم أصبحت عضو اللجنة الوطنية لمكافحة مرض الملاريا عام 1996، سجلها الحافل في مجال مكافحة مختلف الأوبئة تصدّره أيضاً تبنيها لمشروع قيادي وفاعل لوقف انتشار جائحة مرض (الإيبولا) في السنغال، وهو المرض الذي أقلق العالم انتشاره الوبائي المخيف؛ حيث وضعت السيدة أوا ماري كول سيك برامج مكثفة لزيادة وعي المواطنين والزائرين للتصدي لهذا المرض الخطير بتخفيف عدد وفيات الولادة وتجنب الإصابة به، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ القصوى في إفريقيا لمواجهة هذا الوباء الفتاك. كما أحدثت تغييرات سلوكية متعددة لدى الجمهور تسهم في الحدّ من انتشار المرض وتقضي على أسبابه، وهو نجاح يُقاس كذلك بالنظر إلى ضعف الإمكانيات والبِنى التحتية هناك.

الوزيرة الفائزة من القارّة السمراء لم تتقدّم لنيل الجائزة، وربما لم تسمع عنها، المستوى المهني للجائزة لا يتيح فرصة البيع والشراء فيها كالكثير من الجوائز والأوسمة، وإنما ترشيحها من بين 20 وزيراً تم اختيارهم بناء على مسح عالمي تولّته إحدى المؤسسات الرائدة في هذا المجال “إيرنست آند يونغ”، كما يُتاح للجمهور ترشيح من يرونه مناسباً من أولئك المرشحين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

الوزيرة السنغالية في أعقاب تكريمها -وعلى عادة الناجحين والمخلصين لأوطانهم- لم تنسب فوزها لنفسها أو تعتبره مكسباً شخصياً لها، وإنما ذكرت أنها لم تحقق شيئاً إلا بفضل كادرها الإداري والعاملين في وزارتها، وأهدت فوزها لبلدها.

سانحة:
ما أجمل الشعور بأن يأتيك التكريم والتقدير دون أن تطلبه أو تسعى إليه أو حتى (تشتريه).

أضف تعليق